للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية الثالثة والعشرون قوله تعالى: " ثم لأصلبنكم أجمعين "وفى طه والشعراء "ولأصلبنكم "بالواو والمتوعد به واحد فى الموضعين فيسأل لم لم يكن العطف فيهما بحرف واحد؟ والواو أنسب إذ التوعد بقوله: "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم " لم يقصد فيه تراخ فى الزمان ولا مهلة فبابه أن يأتى بالواو أو بالفاء إن قصد رعى التعقيب فللسائل أن يقول: لم عدل فى الأعراف إلى ثم.

والجواب أن ثم للتباين والتراهى فى الزمان ويعبر النحويون عن ذلك بالمهلة وتكون للتباين فى الصفات والأحكام وغير ذلك مما يحمل به ما بعدها على ما قبلها من غير قصد مهلة زمانية بل ليعلم موقع ما يعطف بها وحاله وأنه لو انفرد لكان كافيا فيما قصد به ومنه قوله تعالى: " فتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر "وقوله تعالى: "فلا اقتجم العقبة " ثم عطف بعد قوله: "ثم كان من الذين آمنوا "وقوله تعالى: "وعمل صالحا ثم اهتدى " ولم يقصد فى شئ من هذا ترتيب زمانى بل تعظيم الحال فيما عطف وموقعه وماكنته وتجريك النفوس لاعتباره ولما تقدم فى الأعراف تهويل الواقع من فعل السحرة وموقعه من نفوس الحاضرين ولذلك أنس سبحانه نبيه موسى عليه السلام بقوله: "لا تخف إنك أنت الأعلى "ووقع التعبير غما ذكرنا بقوله: "واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم "فناسبه رعيا لفظيا وتقابلا نظميا تهويل ما توعدهم به فرعون فعطف بثم لتحرز ما قصد فرعون من تعظيم موقع ما توعدهم به ثانيا فى قوله: "لأصلبنكم "عليهم وأيضا فإن فرعون وملأه حين رأوا ما جاءت به السحرة ووقع منهم موقعا أطمعهم وتعلق به رجاؤهم ثم لما وقع ما أبطله وأوضح كيدهم فيه وباطلهم الخيالى وجد الملأ لذلك واستشعر فرعون ما حل به وبملئه فهول فى توعدهم ومقاله تجلدا وتصبرا أو تعزية لنفسه عما نزل به فأرعد وأبرق فى تهويله ما توعد به السحرة فقال: "ثم لأصلبنكم " فقد تناسب المتقابلان لفظا ومعنى ولما ضم الواقع فى سورة الشعراء لم يحتج إلى هذا الرعى فعطف بالواو ولم يكن على ما تقرر ليمكن العكس والله أعلم.

الآية الرابعة والعشرون قوله تعالى: " قالوا إنا إلى ربنا منقلبون " وفى الشعراء: "قالوا لاضير إنا إلى ربنا منقلبون " للسائل أن يسأل عن زيادة قوله: "لاضير "فى سورة الشعراء ولم يرد ذلك فى الأعراف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>