للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأن قد قيل تأنيسا لهم: اعملوا فلن يضيع عملكم، وقيل هنا "والمؤمنون " لأن الاعمال الاسلامية يشاهدها المسلمون بعضهم من بعض كالصلاة والزكاة والحج وغير ذلك من الأعمال فيرى المسلمون ما تظوهر به من هذه الأعمال ويشهدون لما وراءها مما يرجع إلى قبيل الإيمان من الاعتقادات القلبية وما يرجع اليها قال عليه السلام: "إذا رأيتم الرجل يشهد المسجد فاشهدوا له بالايمان " وقال تعالى: "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله ... "الآية فلهذا قيل فى هذه الآية "والمؤمنون " ولم يقل ذلك فى أعملا المنافقين لأنها مما لا يتظاهرون بها للمؤمنين وهذا مما يعضد قول الطبرى: أن هذه الآية فى التائبين من المتخلفين " لأن أعمال المنافقين قل ما يتظاهرون بها للمؤمنين إنما يبدونها إخواهم قال تعالى: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا الى

شياطينهم قالوا إنا معكم ".

وقال تعالى: "وإذا جاؤوك قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به " وقال تعالى: "يخفون فى أنفسهم ما لا يبدون لك " فإنما يشاهده المؤمنون ويرو ما يتظاهر به من الأعمال وفى هذا يشاركون نبيهم عليه السلام فى رويته فتلك أعمال المسلمين لا أعمال المنافقين فقوله: "فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " على هذه الصفة من التشريك بينهم وبين نبيهم عليه السلام فى رؤيته إنما هى أعمال الطاعة فهى التى تشاهد ويشاهد التفوت فيها بين المحافظ والمقصر ألا ترى قوله تعالى فى الآية الأولى: "قد نبأنا الله من أخباركم " فإنما نبأهم سبحانه وتعالى بما لم يشاهدوه ولا رأوه من مضمرات المنافقين ولما كان وصول المؤمنين إلى تعرف ذلك باخبار الله تعالى من غير رؤية من المؤمنين لذلك ما قال تعالى: "وسيرى الله عملكم ورسوله " ولم يقل هنا "والمؤمنون " لأنهم لم يحصل لهم شئ من أخبار المنافقين إلا بإنباء الله تعالى لا بإدراك رؤيته.

أما الآية الثانية فقيل فيها "المؤمنون " لأن الواقع من هؤلاء - والله أعلم - أعمال مرئية كما قدمنا فشهد هذا السياق - والله أعلم - أن الآية الأولى فى المنافقين المستمرين على نفاقهم وان الثانية فى التائبين بعد على أعمال محمودة تشاهد وترى هذا حاصل قول الطبرى وان قلنا بما قال أبو محمد بن عطية ورغم أنه الظاهر من أن الماد بقوله "وقل اعملوا ... "الآية المعتدون الذين لم يتوبوا المتوعدون المعنيون بقوله: "ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم " فيعارضنا اتصالها بما اتصلت به وأما على قول الطبرى فلا اشكال وهة أظهر، والله أعلم بما أراد.

وقد استمر كلام من وقفنا على كلامه من المفسرين على عبور الموضع دون

<<  <  ج: ص:  >  >>