فصل: وأما قوله تعالى في السورتين: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) بناء على المتقدم فيهما من قوله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) واتصاله به فبين الوضوح، لن المراد أمره عليه السلام بالصبر على أذاهم في قولهم كاهن ومجنون وساحر إلى غير ذلك مما نزه الله نبيه، عليه السلام، منه فأمر (بالصبر) على ذلك وأمر أن يستعين بصبره وصلاته كما قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)(البقرة: ٤٥)، وهو المراد أيضاً هنا، وعن الصلاة عبر بالتسبيح في قول أكثر المفسرين، وإن أريد بالتسبيح معنى التنزيه بالذكر المعروف فذلك أيضاً بين والمعنى متعارف، ويكون مأموراً بالصبر والذكر والتنزيه، فالالتحام بين، وإنما المشكل قوله تعالى في سورة ص:(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ... )(ص: ١٧)، وربط قوله:(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ) بما قبله ومطابقته إياه، وقد أجاب الزمخشري عن ذلك بما جرى فيه على شنيع المرتكب وسوء الأدب، بناء على استبداد العبيد وفعلهم ما لا يرضاه الخالق سبحانه ولا يريد، فجعل لله شركاء، وأفرد العباد بأفعالهم استبداداً وملكاً، وأجاب (بناء) على ما أصل ولم يوفق في هذا الموضوع لوجه المطابقة ولا حصل، وأذكر إن شاء الله ذلك في أول آية من سورة ص على أوضح منهج بحلول الله تعالى.