وقرأتُ ذلك بخطه، وضَبَطَ قولَه: "إنما قلتُ: صحيح" بضم التاء على التكلم، وكَتَبَ "إنما" متصلة على أنها الحصرية، فإن صح هذا الضبط، فيكون معناه: إنما قلت: صحيح: أي صحيح عندي، ولم أقل: من هذا الطريق، فيكون في الكلام حذف، وهذا المعنى عندي فيه بُعْدٌ، والأقربُ فيما أراده: إن ما قلتَ: صحيح، بتاء الخطاب، و"ما" بمعنى الذي: أي إن الذي قلته من إنكار أبي زرعة صحيح، من أجل هؤلاء الرواة، ثم أبدى وجه العذر، وأتى بـ "إنما" التي للحصر في قوله: "وإنما أدخلتُ". انتهى كلامه. قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن الذي يظهر لي أن ضبطه بضم التاء لا بُعدَ فيه، بل هو الأولى؛ لأنه يؤيّده ما في "سؤالات البرذعي" (ص ٦٧٧) بعد أن ذُكِرَ لمسلم من أنه بإخراجه حديث قطن وأشباهه يُطرق لأهل البدع علينا، قال مسلم مُعتذرًا: إنما أخرجت هذا الكتاب، وقلت: صحاح، ولم أقل: إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيفٌ، ولكنّي إنما أخرجتُ هذا من الحديث الصحيح ليكون مجموعًا عندي، وعند من يكتبه عنّي، فلا يَرتاب في صحّتها، ولم أقُل: إن ما سواه ضعيف ... إلخ. وهذا كما ترى يؤيّد الرواية بالضمّ، ومثله عند ابن الصلاح في "صيانة صحيح مسلم" (ص ١٠٠). والله تعالى أعلم. راجع ما كتبه محقّق "السنن الأبين" ص (١٥٤).