للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المسألة الرابعة): تَلَخَّص في الاحتجاج بالمرسل عشرة أقوال: حجة مطلقًا، لا يحتج به مطلقًا، يحتج به إن أرسله أهل القرون الثلاثة، يُحتج به إن لم يَروِ إلا عن عدل، يُحتج به إن أرسله سعيد فقط، يحتج به إن لم يكن في الباب سواه، هو أقوى من المسند، يحتج به ندبًا لا وجوبًا، يُحتج به إن أرسله صحابي.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: نظمت هذه الأقوال العشرة بقولي:

وَجُمْلَةُ الأَقْوَالِ فِي الْمَرَاسِلِ ... عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ فَاسْتَفْصِلِ

بهِ احْتِجَاجٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا ... أَوْ إِنْ أَتَى عَنِ الْقُرُونِ الْفُضَلَا

أَوْ إِنْ رَوَى مَنْ بِثِقَاتٍ قُيِّدَا ... أَوْ عَنْ سَعِيدٍ أَوْ يَجِي مُعْتَضِدَا

أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ جَا سِوَاهُ ... وَبَعْضُهُمْ مِنْ مُسْنَدٍ أَعْلَاهُ

أَوْ حُجَّةٌ نَدْبًا أَوِ الصَّحَابِي ... أَرْسَلَهُ فَذَا تَمَامُ الْبَابِ

وَقَوْلُ مَنْ قَالَ بِالاحْتِجَاجِ ... إِنْ يَعْتَضِدْ أَصَحّ فِي الْحِجَاجِ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): قال الحاكم في "علوم الحديث" (١): أكثر ما تُروَى المراسيل من أهل المدينة عن ابن المسيب، ومن أهل مكة عن عطاء بن أبي رباح، ومن أهل البصرة عن الحسن البصري، ومن أهل الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي، ومن أهل مصر عن سعيد بن أبي هلال، ومن أهل الشام عن مكحول، قال: وأصحها كما قال ابن معين مراسيل بن المسيب؛ لأنه من أولاد الصحابة، وأدرك العشرة (٢)، وفقيه أهل الحجاز ومفتيهم، وأول الفقهاء السبعة الذين يَعْتَدُّ مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس، وقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله، فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره، قال: والدليل على عدم الاحتجاج بالمرسل من الكتاب قوله تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} الآية [التوبة: ١٢٢]، ومن السنة حديث: "تَسمَعون، ويُسمَع منكم، ويُسمَع ممن يَسمَع منكم" (٣). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) راجع "معرفة علوم الحديث" ص ٢٥ - ٢٦.
(٢) فيه نظرٌ؛ لأنه لم يُدرك أبا بكر الصدّيق -رضي الله عنه-، فإنه وُلد لسنتين مضتا من خلافة عمر -رضي الله عنه-، راجع "تهذيب التهذيب" ٢/ ٤٤.
(٣) حديث صحيح أخرجه أحمد في "مسنده"، وأبو داود، والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. راجع "صحيح الجامع الصغير" للشيخ الألباني رحمه الله تعالى ١/ ٥٦٧ رقم الحديث (٢٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>