للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي، قال: لأنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم. ورَوَى البيهقي عن يحيى بن سعيد قال: مرسل الزهري شَرّ من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، وكلما قَدَرَ أن يُسَمِّي سَمَّى، وإنما يَتْرُك من لا يَستحب أن يسميه. وكان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال قتادة شيئًا، ويقول: هو بمنزلة الريح. وقال يحيى بن سعيد: مرسلات سعيد بن جبير أحب إليّ من مرسلات عطاء، قيل: فمرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاوس؟ قال: ما أقربهما، وقال أيضا: مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان عن إبراهيم، وكل ضعيف. وقال أيضا: سفيان عن إبراهيم شبه لا شيء؛ لأنه لو كان فيه إسناد صاح. وقال: مرسلات أبي إسحاق الهمداني، والأعمش، والتيمي، ويحيى بن أبي كثير شبه لا شيء، ومرسلات إسماعيل بن أبي خالد، ليس بشيء، ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي، ومرسلات معاوية بن قُرّة أحب إلي من مرسلات زيد بن أسلم، ومرسلات ابن عيينة شبه الريح، وسفيان بن سعيد، ومرسلات مالك بن أنس أحب إليّ، وليس في القوم أصح حديثا منه (١).

وقد أشرت إلى بعض ما ذكر مع بيان ما نِقُل عن يحيى القطان في تقسيمه أسباب ضعف المرسل إلى أربعة أقسام في "شافية الغلل" فقلت:

وَذَكَرَ الْقَطَّانُ أَنَّ الْمُرْسَلَا ... بَعْضُهُ أَضْعَفُ مِنَ الْبَعْضِ اعْقِلَا

وَضَرَبَ الأَمْثِلَةَ الْمُبَيِّنَهْ ... حَاصِلُهَا أَرْبَعَةٌ مُعَيَّنَهْ

(أَحَدُهَا) مَنْ عَنْ ضَعِيفٍ يُعْرَفُ ... بِالنَّقْلِ مَا أَرْسَلَهُ يُضَعَّفُ

(وَالثُّانِ) أَنَّ مَنْ لَهُ صَحَّ السَّنَدْ .. إِلَى الَّذِي أَرْسَلَ عَنْهُ لَا يُرَدّ

(ثَالِثُهَا) مَنْ كَانَ أَقْوَى حِفْظَا ... مُرْسَلُهُ أَوْهَى فَدَعْ لِتَحْظَى

إِذْ أَنَّهُ يَحْفَظُ كُلَّ مَا وَصَلْ ... لِسَمْعِهِ وَفِيهِ وَاهٍ ذُو خَلَلْ

(رَابِعُهَا) مَنْ كَانَ حَافِظًا إِذَا ... عَنْ ثِقَةٍ رَوَى أَبَانَ الْمَأْخَذَا

فَتْرُكُهُ اسْمَ شَيْخِهِ دَلَّ عَلَى ... غَيْرِ الرِّضَا بهِ فَرَيْبُنَا جَلَا

لِذَا رَأَوْا مَرَاسِلَ الزُّهْرِيِّ ... وَاهِيَةً لِشَكِّنَا الْقَوِيِّ

وَاخْتَلَفُوا فِي مُرْسَلَاتِ الْحَسَنِ ... صَحَّحَهَا قَوْمٌ حَلِيفُو الْحَسَنِ

كَابْنِ الْمَدِينِيِّ الإِمَامِ الثَّبَتِ ... وَكَأَبِي زُرْعَةَ عَالِي الْحُجَّةِ

وَبَعْضُهُمْ ضَعَّفَهَا لِكَوْنِهِ ... يَأْخُذُ عَنْ كُلٍّ بِلَا تَبْيِينِهِ

وَمُرْسَلَاتُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَحَبّ ... مِنْ مُرْسَلَاتِهِ لَدَى يَحْيَى الأَحَبّ

وَمُرْسَلُ الشَّعْبِيِّ قَدْ صحَّ لَدَى ... ابْنِ الْمَدِينِيِّ فَخُذْ نِلْتَ الْهُدَى


(١) راجع "التدريب" ج ١ ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>