للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُرْسَلَاتُ النَّخَعِيِّ صُحِّحَتْ ... سِوَى حَدِيثَيْنِ لَدَى يَحْيَى الثَّبَتْ

حَدِيثُ إِيجَابِ الْوُضُوءِ بالضَّحِكْ ... وَتَاجِرُ الْبَحْرَيْنِ فَاهْجُرْ مَا تُرِكْ

وَكَوْنُهَا أَعْلَى مِنَ الْمُسْنَدِ إِنْ ... إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ عَزَاهَا قُلْ قَمِنْ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في البحث المتعلّق بالتدليس:

"التدليس": مصدر دَلّس، يقال: دَلّسَ البائع تدليسًا: إذا كتم عيبَ السلعة من المشتري وأخفاه. قاله الخطابيّ وجماعةٌ. ويقال: أيضًا دَلَسَ دَلْسًا، من باب ضرب، والتشديد أشهر في الاستعمال. قال الأزهريّ: سمعتُ أعرابيّا يقول: ليس لي في الأمر وَلْسٌ ولا دَلْسٌ: أي لا خيانة، ولا خَدِيعةٌ. والدُّلْسَة بالضمّ: الخديعة أيضًا. وقال ابن فارس: وأصله من الدَّلَس، وهو الظلمة. قاله الفيّوميّ (١).

وقال في "فتح المغيث": واشتقاقه من الدّلَس بالتحريك، وهو اختلاط الظلام، كأنه لتغطيته على الواقف عليه أظلم أمره. انتهى (٢). وقال في "توضيح الأفكار": إنه مشتقّ من الدّلَس، وهو الظلام. قاله ابن السِّيد، وكأنه أظلم أمره على الناظر لتغطيته وجه الصواب. وقال البقاعيّ: إنه مأخوذ من الدّلَس بالتحريك، وهو اختلاط الظلام الذي هو سبب لتغطية الأشياء عن البصر، ومنه التدليس في البيع، يقال: دَلّس فلان على فلان: أي ستر عنه العيب الذي في متاعه، كأنه أظلم عليه الأمر. انتهى (٣).

ثم إن التدليس قسمان: تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ:

أما تدليس الإسناد، فتحته خمسة أقسام:

(أحدها): أن يروي عمن عاصره، أو لقيه ما لم يسمعه منه، موهما سماعه، حيث أورده بلفظ يوهم الاتصال، ولا يقتضيه، قائلًا: قال فلان، أو عن فلان ونحوه، كأن فلانا قال، فإن لم يكن عاصره فليس الرواية عنه بذلك تدليسًا على المشهور.

وقال قوم: إنه تدليس، فحدوه: بأن يُحَدِّث الرجل عن الرجل بما لم يسمعه منه، بلفظ لا يقتضي تصريحا بالسماع، قال ابن عبد البر: وعلى هذا في سَلِمَ أحدٌ من التدليس لا مالك ولا غيره. وقال الحافظ أبو بكر البزار، وأبو الحسن بن القطان: هو أن يروي عمن سمع منه ما لم يسمع منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه، قال: والفرق بينه وبين الإرسال أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٩٨.
(٢) "فتح المغيث" ١/ ٢٠٨.
(٣) راجع "توضيح الأفكار على تنقيح الأنظار" ١/ ٣٤٦ - ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>