للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثاني): قسَّم الحاكم التدليس إلى ستة أقسام: [الأول]: قوم لم يميزوا بين ما سمعوه وما لم يسمعوه.

[الثاني]: قوم يُدلسون، فإذا وقع لهم من يَنقُر عنهم، ويُلِحُّ في سماعاتهم ذكروا له، ومَثّله بما حَكَى ابن خشرم عن ابن عيينة.

[الثالث]: قوم دَلَّسوا عن مجهولين، لا يُدرَى مَن هم؟ ومَثّله بما رُوي عن ابن المديني قال: حدثني حسين الأشقر، حدثنا شعيب بن عبد الله، عن أبي عبد الله، عن نَوْف، قال: "بِتُّ عند علي ... "، فذكر كلامًا، قال ابن المديني: فقلت لحسين: ممن سمعت هذا؟ فقال: حدثنيه شعيب، عن أبي عبد الله، عن نوف، فقلت لشعيب: مَن حدثك بهذا؟ فقال أبو عبد الله الجصاص، فقلت: عمن؟ قال: عن حماد القصار، فلقيت حمادًا، فقلت له: من حدثك بهذا؟ قال: بلغني عن فرقد السَّبَخِيّ، عن نوف.

فإذا هو قد دلّس عن ثلاثة، وأبو عبد الله مجهول، وحماد لا يُدرَى من هو؟ وبلغه عن فرقد، وفرقد لم يدرك نوفا.

[الرابع]: قوم دلسوا عن قوم سمعوا منهم الكثير، وربما فاتهم الشيء عنهم، فيدلسونه.

[الخامس]: قوم رووا عن شيوخ لم يروهم، فيقولون: قال فلان، فحمل ذلك عنهم على السماع، وليس عندهم سماع.

قال البلقيني: هذه الخمسة كلها داخلة تحت تدليس الإسناد. انتهى.

ثم ذكر [السادس]، وهو تدليس الشيوخ المتقدّم.

(الثالث): قال الحاكم رَحِمَهُ اللهُ: أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي وخراسان والجبال وأصبهان وبلاد فارس وخوزستان وما وراء النهر لا نعلم أحدًا من أئمتهم دَلّسوا، قال: وأكثر المحدثين تدليسا أهل الكوفة، ونفر يسير من أهل البصرة، قال: وأما أهل بغداد فلم يُذكر عن أحد من أهلها التدليس، إلا أبا بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغَنديّ الواسطي، فهو أول من أحدث التدليس بها، ومن دَلّس من أهلها إنما تبعه في ذلك. انتهى.

وقد أفرد الخطيب كتابا في أسماء المدلسين، ثم ابن عساكر.

(الرابع): استُدلّ على أن التدليس غير حرام بما أخرجه ابن عديّ عن البراء قال: "لم يكن فينا فارس يوم بدر إلا المقداد"، قال ابن عساكر: قوله: "فينا" يعني

<<  <  ج: ص:  >  >>