للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب الإسناد غير واحد من الصحابة، ثم ساق بسنده حديث خروج أبي أيوب إلى عقبة ابن عامر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يبق أحد ممن سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير عقبة ... " الحديث في ستر المؤمن.

وقال العلائي: في الاستدلال بما ذكروه نظر لا يخفى.

أما حديث ضمام، فقد اختَلَف العلماء فيه، هل كان أسلم قبل مجيئه أم لا، فإن قلنا: إنه لم يكن أسلم كما اختاره أبو داود، فلا ريب في أن هذا ليس طلبا للعلو، بل كان شاكّا في قول الرسول الذي جاءه، فرحل إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى استثبت الأمر، وشاهد من أحواله ما حصل له العلم القطعي بصدقه، ولهذا قال في كلامه: "فزعم لنا أنك ... " إلى آخره، فإن الزعم إنما يكون في مظنة الكذب، وإن قلنا كان أسلم، فلم يكن مجيئه أيضا لطلب العلو في الإسناد، بل ليرتقي من الظن إلى اليقين؛ لأن الرسول الذي أتاهم لم يُفد خبره إلا الظن، ولقاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أفاد اليقين.

قال: وكذلك ما يُحتَجُّ به لهذا القول من رحلة جماعة من الصحابة والتابعين في سماع أحاديث معينة إلى البلاد، لا دليل فيه أيضًا؛ لجواز أن تكون تلك الأحاديث لم تتصل إلى من رحل بسببها من جهة صحيحة، وكانت الرحلة لتحصيلها، لا للعلو فيها.

قال: نعم لا ريب في اتفاق أئمة الحديث قديما وحديثا على الرحلة إلى مَنْ عنده الإسناد العالي.

ثمّ العلو على خمسة أقسام: أجلّها القرب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حيث العدد بإسناد صحيح نظيف، بخلاف ما إذا كان مع ضعف، فلا التفات إلى هذا العلو، لا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين، ممن ادّعى سماعا من الصحابة، كابن هدبة، ودينار، وخراش، ونعيم بن سالم، ويعلى بن الأشدق، وأبي الدنيا الأشجّ.

قال الإمام الذهبي: متى رأيت المحدث يَفرَح بعوالي هؤلاء، فاعلم أنه عامي يعدّها.

(الثاني): القرب من إمام من أئمة الحديث، كالأعمش، وهشيم، وابن جريج، والأوزاعي، ومالك، وشعبة، وغيرهم مع الصحة أيضا، وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

(الثالث): العلو المقيد بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الخمسة، أو غيرها من الكتب المعتمدة، وسماه ابن دقيق العيد عُلُوَّ التنزيل، وليس بعلو مطلق، إذ الراوي لو رَوَى الحديث من طريق كتاب منها وقع أنزل مما لو رواه من غير طريقها، وقد يكون عاليا مطلقا أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>