للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي تمام البحث في هذه المسألة حينما يتعرض مسلم رَحِمَهُ اللهُ تعالى لذكرها بقوله: "وإنما كان تفقّد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنه إذا كان الراوي ممن عُرف بالتدليس في الحديث، وشُهر به". انتهى كلام الشافعي مشروحًا بكلام ابن رجب رحمهما الله تعالى، وهو بحث نفيس مهمّ جدّا لمعرفة الحديث الصحيح الذي يُحتجّ به عند أهل العلم بلا خلاف بينهم.

وقد تقدّم في مقدّمة هذا الشرح عند الكلام على شرط المصنّف في "صحيحه" الكلام على الحديث الصحيح، وأن الصواب أن عدم الشذوذ ليس من شرط الصحيح، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: قال الإمام أبو عبد الله الحاكم في كتابه "المدخل": الصحيح من الحديث على عشرة أقسام: خمسة متّفق عليها، وخمسة مختلف فيها:

فالقسم الأول من المتّفق عليه اختيار البخاريّ ومسلم، قال: وهو الدرجة الأولى من الصحيح وهو ألا يذكر من الحديث إلا ما رواه صحابيّ مشهور بالرواية، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، له راويان ثقتان، فأكثر، ثم يرويه عنه تابعيّ مشهور بالرواية عن الصحابة -رضي الله عنه- له أيضًا راويان ثقتان، فأكثر، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور على ذلك الشرط، ثم كذلك من بعدهم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكر الحاكم من أن هذا اختيار الشيخين، ردّه عليه العلماء، فقد قال المقدسيّ في "شروط الأئمة الستة": إن البخاريّ، ومسلمًا لم يشترطا هذا الشرط، ولا نُقل عن واحد منهما أنه قال ذلك، والحاكم قدّر هذا التقدير، وشرط لهما هذا الشرط على ما ظنّ، ولعمري إنه شرط حسنٌ لو كان موجودًا في كتابيهما، إلا أنا وجدنا هذه القاعدة التي أسسها الحاكم منتقضة في الكتابين جميعًا إلى آخر كلامه المتقدم في آخر مقدمة هذا الشرح.

وكذا ردّ عليه الحازميّ، وابن الصلاح، والقرطبيّ، والنوويّ، والذهبيّ، وغيرهم، ودافع عنه بعضهم، لكن لم يأت بشي مقبول. والله تعالى أعلم.

القسم الثاني: مثل الأول، لكن ليس لراويه من الصحابة إلا راو واحد.

القسم الثالث: مثل الأول، إلا أن راويه من التابعين ليس له إلا راو واحد.

القسم الرابع: الأحاديث الأفراد الغرائب، التي رواها الثقات العدول.

القسم الخامس: أحاديث جماعة من الأئمة، عن آبائهم، عن أجدادهم، ولم تتواتر الرواية عن آبائهم، عن أجدادهم بها إلا عنهم، كصحيفة عمرو بن شعيب، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>