للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجعتها؟ فقال: طلّقت لغير سنّة، ورجعت لغير سنّة، وأَشْهِد على طلاقها، وعلى رجعتها، ولا تَعُدْ. وقال ابن جريج: كان عطاء يقول: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} قال: لا يجوز في نكاح، ولا طلاق، ولا رِجاع إلا شاهدا عدل، كما قال الله عز وجل، إلا أن يكون من عذر. انتهى (١).

قال المصنّف رحمه اللهُ تعالى:

(فَدَلَّ بِمَا ذَكَرْنَا) الظاهر أن الباء زائدة، و "ما" اسم موصول فاعل "دلّ". وقوله: (مِنْ هَذِهِ الْآيِ) بيان لـ"ما"، والآي جمع آية، وهي في الأصل العلامة، سمّيت بذلك؛ لأنها علامة لانقطاع كلام من كلام، وقيل: لأنها جماعة من حروف القرآن. وقيل: الآية من القرآن كأنها العلامة التي يُفضَى منها إلى غيرها كأعلام الطريق المنصوبة للهداية. ووزنها عند الخليل فَعَلة بفتح الفاء والعين، وذهب غيره إلى أن أصلها أَيَّةٌ فعْلة بسكون العين، فقُلبت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها، وهو قلب شاذّ. أفاده ابن منظور (٢).

(أَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ سَاقِطٌ) قال في "القاموس": الساقط: المتأخّر عن الرجال. انتهى. وقال في "اللسان": الساقط والساقطة: اللئيم في حسبه ونفسه. انتهى. والمراد به هنا أن خبره رديء متأخّر عن درجة ما يُقبل من الأخبار، فيكون قوله (غَيْرُ مَقْبُولٍ) مؤكّدًا له (وَأَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلِ مَرْدُودَةٌ) أي للتنصيص على اشتراط العدالة فيها في الآية المذكورة.

وقوله رحمه اللهُ تعالى: (وَالْخَبَرُ الخ) أتى به إشارةً إلى دفع أنّ إيراد الآيتين الأخيرتين دليلًا على سقوط خبر الفاسق غير مسلّم؛ للفرق بين الشهادة والخبر.

وحاصل الجواب أن الشهادة خبر في الحقيقة، إلا أنها صارت مخصوصة منه باعتبار أمور تَعْرِضُ لها.

فقوله: "والخبر" مبتدأ خبره جملة قوله (وَإِنْ فَارَقَ) أي خالف (مَعْنَاهُ) أي الخبر، والمراد بالمعنى الشروط (مَعْنَى الشَّهَادَةِ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ) كالحرية، والذكورة، والعدد، ونحوها (فَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي أَعْظَمِ مَعَانِيهِمَا) أي أكثر شروطهما، وذلك كالبلوغ، والإسلام، والعدالة، ونحوها (إِذْ) تعليلة، كما في قوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: ٣٩]، وكما في قول الشاعر [من الطويل]:


(١) انظر "تفسير ابن كثير" ٤/ ٤٠٥.
(٢) انظر "لسان العرب" ١٤/ ٦١ - ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>