للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه، وكان رجلا صالحًا، وكان قاضيا على الْحِيرَة، وثَمَّ لقيه يزيد بن هارون. وقال عثمان الدارميّ: قلت ليحيى. فالزهري في سعيد بن المسيب أحب إليك، أو قتادة؟ قال: كلاهما، قلت: فهما أحب إليك، أو يحيى بن سعيد؟ قال: كلّ ثقة. وقال النسائي: ثقة مأمون. وقال في موضع آخر: ثقة ثبت. وقال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة: ثقة. وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أصحابنا يحكون عن مالك قال: ما خرج منا أحد إلى العراق إلا تغير، غير يحيى بن سعيد. قال ابن سعد وغير واحد: مات سنة ثلاث. وقال يزيد بن هارون، وعمرو بن علي: مات سنة أربع وأربعين ومائة. وقيل: مات سنة ست وأربعين. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (٧٦) حديثًا.

(فَقَالَ يَحْيَى) بن سعيد (لِلْقَاسِمِ) بن عبيد الله (يَا أَبَا مُحَمَّدٍ) كنية القاسم (إِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو الضمير الذي تفسّره جملة بعده، وهي هنا قوله (قَبِيحٌ) خبر مقدّم لقوله: "أن تُسال إلخ" (عَلَى مِثْلِكَ عَظِيمٌ) صفة "قبيح"، (أَنْ) بفتح الهمزة، مصدريّة (تُسْأَلَ) بالبناء للمفعول (عَنْ شَيءٍ، مِنْ أَمْرِ هَذَا الدِّينِ) أي من أحكامه (فَلَا يُوجَدَ عِنْدَكَ مِنْهُ) أي من أمر الدين بمعنى أحكامه (عِلْمٌ) أي معرفة وجه الصواب (وَلَا فَرَجٌ) بفتحتين: أي تفريج لهمّ السائل بالجواب (أَوْ) للشكّ من الراوي (عِلْمٌ وَلَا مَخْرَجٌ) أي طريق خروج من مضيق حكم المسؤول عنه (فَقَالَ لَهُ) أي ليحيى بن سعيد (الْقَاسِمُ) ابن عبيد الله (وَعَمَّ ذَاكَ؟ ) أي عن أيّ شيء صدر استقباحك المذكور؟ فـ "عن" حرف جرّ، و"ما" استفهاميّة، حُذفت ألفها؛ لدخول حرف الجرّ عليها، كما قال في "الخلاصة":

و"مَا" فِي الاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ ... أَلِفُهَا وَأَوْلِهَا الْهَا إِنْ تَقِفْ

وحاصل ما أشار إليه القاسم رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه يقول ليحيى: إن عدم وجود الجواب عن المسألة لا يُستغرب عادةً، فإن قول العالم لما لا يعلمه: لا أدري زينٌ، لا شينٌ، فكيف تقول: إنه قبيح على مثلك الخ، وما وجه استقباحك؟ ، فأجابه يحيى رَحِمَهُ اللهُ تعالى بقوله: "لأنك ابن إمامي هدى إلخ".

(قَالَ) يحيى (لأَنَّكَ ابْنُ إِمَامَي هُدًى) أي إنما قلت ما قلت؛ لأنك من بيت العلم، فمن كان مثلك لا بدّ أن يعتني بالعلم، حتى يتبحّر، فمن أتاه سائلًا وجد عنده جوابًا حافلًا. وقوله (ابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ) بالرفع بدلٌ مما قبله: أي لأنك حفيد أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب رضي الله عنهما، وذلك لما تقدّم من أن القاسم هذا: بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وأمه هي أم عبد الله بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه-، فأبو بكر -رضي الله عنه- جدّه الأعلى لأمه، وعمر -رضي الله عنه-

<<  <  ج: ص:  >  >>