للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدّه الأعلى لأبيه. والله تعالى أعلم.

(قَالَ) أبو عَقِيل، صاحب بُهيّة (يَقُولُ لَهُ الْقَاسِمُ) أي قاله له، وإنما عبّر بالمضارع؛ لحكاية الحال الماضية (أَقْبَحُ مِنْ ذَاكَ) أي من عدم وجود علم، ولا فرج، أو علم ولا مخرج (عِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللهِ) من باب ضرب، وفي لغة من باب تَعِبَ: أي فهم، وتدبّر عن الله تعالى وعيدَهُ لمن قال بغير علم، فقد توعّد الله تعالى له في كتابه، فقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: ١١٦ - ١١٧].

وقوله: (أَنْ أَقُولَ بغَيْرِ عِلْمٍ) "أن" مصدريّة، وهو في تأويل المصدر مبتدأ مؤخّر، خبره قوله: "أقبح"، والَظرف متعلّق به. (أَوْ آخُذَ) أي العلم (عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ) هذا محلّ الشاهد للباب من كلام القاسم، حيث إنه يرى أن لا يؤخذ عن غير ثقة، بل سوّى بينه وبين القول بلا علم.

وحاصل ما أجاب به القاسم رَحِمَهُ اللهُ تعالى أن جوابه للمسائل التي يسأل عنها بلا علم، أو بما أخذه عن غير ثقة أشدّ قُبْحًا من قوله: لا أدري، مع كونه من بيت علم وفقه. والله تعالى أعلم.

(قَالَ) أبو عَقِيل (فَسَكَتَ، فَمَا أَجَابَهُ) أي سكت يحيى بن سعيد عن مناقشة القاسم؛ لكونه حجّه، وغلبه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٣٧ - (وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَكَمٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أَخْبَرُونِي عَنْ أَبِي عَقِيلٍ، صَاحِبِ بُهَيّةَ، أَنَّ ابْنًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، سَأَلُوِهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ عِلْمٌ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَاللهِ إِنِّي لَأُعْظِمُ أَنْ يَكُون مِثْلُكَ، وَأَنْتَ ابْنُ إِمَامَيِ الْهُدَى، يَعْنِي عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ، تُسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ عِلْمٌ، فَقَالَ: أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَاللهِ عِنْدَ اللهِ، وَعِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللهِ، أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، أَوْ أُخْبِرَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، قَالَ: وَشَهِدَهُمَا أَبُو عَقِيلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ حِينَ قَالَا ذَلِكَ).

رجال هذا الإسناد: ثلاثة:

١ - (بِشْرُ -بكسر، فسكون- ابْنُ الْحَكَمِ -بفتحتين- الْعَبْدِيُّ) هو: بشر بن الحكم ابن حبيب بن مِهْران الْعَبْديّ، أبو عبد الرَّحمن النيسابوري الفقيه الزاهد، روى عن مالك، وابن عيينة، وشريك، وغيرهم. وروى عنه البخاري، ومسلم، والنسائي،

<<  <  ج: ص:  >  >>