للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرفض، يقال: رفضته رَفْضًا، من باب ضرب، وفي لغة من باب قتل: إذا تركته، والرافضة فرقة من شيعة الكوفة، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم رَفَضُوا: أي تركوا زيد بن عليّ -رضي الله عنه-، حين نهاهم عن الطعن في الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فلما عرفوا مقالته، وأنه لا يبرأ من الشيخين رفضُوه. ثم استُعمل هذا اللقب في كلّ من غلا في هذا المذهب، وأجاز الطعن في الصحابة رضي الله تعالى عنهم. قاله الفيّوميّ (١). وفي "القاموس"، و"شرحه": الروافض: جنود تركوا قائدهم، وانصرفوا عنه، والروافض فرقة منهم، والنسبة إليهم رافضيّ. والرافضة أيضًا: فرقة من الشيعة، بايعوا زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رحمهم الله تعالى، ثم قالوا له: تبرّأ من الشيخين، نقاتل معك، فأبى، وقال: كانا وزيري جدّي -صلى الله عليه وسلم-، فلا أبرأ منهما، فتركوه، ورفضوه، وارفضّوا عنه، فسُمُّوا رافضة. والنسبة رافضيّ. وقالوا: الروافض، ولم يقولوا: الرُّفّاض؛ لأنهم عَنَوا الجماعات. انتهى (٢).

(تَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا) أي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- (فِي السَّحَاب) هذا من زعمهم الباطل، حيث إنهم يقولون: إن عليّا -رضي الله عنه- حيّ، هجر الناس، فسكَن في السحاب، ينتظر أن تخلو الأرض من الظالمين الطاغين، ويبقى المطيعون، فيرجع من السحاب، ويملأ الأرض عدلًا (٣). (فَلَا نَخْرُجُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنْ وَلَدِهِ) أي لا نتّبع أحدًا من أولاده إذا صار خليفة (حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ -يُرِيدُ عَلِيًّا) أي يقصد بالمنادي عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- (أَنَّهُ يُنَادِي اخْرُجُوا مَعَ فُلَانٍ) أي وهو المهديّ الذي يُنتظر في زعمهم الباطل. يعني أنهم إذا سمعوا نداءه بذلك يخرجون معه، فيتبعونه. قال السنديّ رحمهُ اللهُ تعالى: قوله: "اخرجوا مع فلان": يريدون المهديّ الموعود، فيصير قوله: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ} الآية حكاية عن قول المهديّ، والأرض البرّيّة، والمراد {حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} هو نداء عليّ -رضي الله عنه- من السماء. فانظروا إلى أولئك القوم، وتحريفهم كتاب الله تعالى، نعوذ بالله منه. انتهى (٤).

(يَقُولُ جَابِرٌ) الجعفيّ (فَذَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ) أي آية {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}.

وحاصل ما أشار إليه جابر في كلامه هذا أن الرافضة تزعم أن هذه الآية نزلت في حقّ المهديّ الذي وُعد بخروجه في آخر الزمان، وهذا مغالطة منهم، فإن المهديّ كان


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٣٢.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٥/ ٣٤.
(٣) راجع "الحلّ المفهم لصحيح مسلم" للشيخ رشيد أحمد الكنكوهي ص ١٨.
(٤) راجع المصدر المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>