للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السختيانيّ، قال: ولم يقع بالمدينة، ولا بمكة طاعون قط، هذا ما حكاه ابن قتيبة. وقال أبو الحسن المداينيّ: كانت الطواعين المشهورة العظام في الإسلام خمسة: طاعون شيرويه بالمدائن، على عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في سنة ست من الهجرة، ثم طاعون عمواس، في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان بالشام، مات فيه خمسة وعشرون ألفا، ثم طاعون الجارف، في زمن ابن الزبير، في شوال سنة تسع وستين، هلك في ثلاثة أيام، في كل يوم سبعون ألفا، مات فيه لأنس بن مالك -رضي الله عنه- ثلاثة وثمانون ابنا، ويقال: ثلاثة وسبعون ابنا. ومات لعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ابنا. ثم طاعون الفتيات، في شوال، سنة سبع وثمانين، ثم كان طاعون في سنة إحدى وثلاثين ومائة، في رجب، واشتد في شهر رمضان، فكان يُحصَى في سكة المِرْبَد في كل يوم ألف جنازة أياما، ثم خف في شوال. وكان بالكوفة طاعون، وهو الذي مات فيه المغيرة بن شعبة، سنة خمسين. هذا ما ذكره المدائنيّ، وكان طاعون عمواس سنة ثماني عشرة. وقال أبو زرعة الدمشقيّ: كان سنة سبع عشرة، أو ثماني عشرة.

و"عمواس": قرية بين الرملة وبيت المقدس، نُسِب الطاعون إليها لكونه بدأ فيها، وقيل: لأنه عم الناس وتواسوا فيه. ذكر القولين الحافظ عبد الغنيّ في ترجمة أبي عبيدة ابن الجراح -رضي الله عنه-.

و"عمواس" -بفتح العين والميم-.

قال النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى: فهذا مختصر ما يتعلق بالطاعون، فإذا عُلم ما قالوه في طاعون الجارف، فإن قتادة وُلد سنة إحدى وستين، ومات سنة سبع عشرة ومائة على المشهور، وقيل: سنة ثمان عشرة، ويلزم من هذا بطلان ما فسر به القاضي عياض رحمهُ اللهُ تعالى طاعون الجارف هنا، ويتعين أحد الطاعونين، فإمّا سنة سبع وستين، فإن قتادة كان ابن ست سنين في ذلك الوقت، ومثله يضبطه، وإما سنة سبع وثمانين، وهو الأظهر، إن شاء الله تعالى. والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى تحقيقٌ نفيسٌ جدّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رحمهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٧٠ - (وحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى عَلَى قَتَادَةَ، فَلَمَّا قَامَ، قَالُوا: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَقِيَ


(١) "شرح النوويّ على مسلم" ١/ ١٠٥ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>