للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن معين خَلّف من الكتب لما مات ثلاثين قِمَطْرًا وعشرين حُبّا (١). وقال مجاهد بن موسى: كان ابن معين يكتب الحديث نيفا وخمسين مرة. وقال الدُّوري عن ابن معين: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه. وقال ابن سعد: كان قد أكثر من كتابة الحديث، وعُرف به، وكان لا يكاد يُحَدِّث. وقال الدوري: سمعته يقول: القرآن كلام الله تعالى، وليس بمخلوق. وسمعته يقول: الإيمان يزيد وينقص، وهو قول، عمل. وقال علي بن أحمد بن النضر عن ابن المديني: انتهى العلم إلى يحيى بن آدم، وبعده إلى يحيى بن معين. وفي رواية عنه: انتهى العلم إلى ابن المبارك، وبعده إلى ابن معين. وقال صالح جزرة: سمعت ابن المديني يقول: انتهى العلم إلى ابن معين. وقال أبو زرعة الرازي وغيره عن علي: دار حديث الثقات على ستة، ثم قال: ما شذ عن هؤلاء يصير إلى اثني عشر، ثم صار حديث هؤلاء كلهم إلى ابن معين. قال أبو زرعة: ولم يُنتفع به؛ لأنه كان يتكلم في الناس، ويُرْوَى هذا عن علي من وجوه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: ولم يُنتفع به الخ محل نظر؛ لأنه إن أراد أنه لم يُنتفع بعلمه فليس بصحيح؛ لأنه ما من محدث إلا وانتفع بكلامه في الرجال، وإن أراد قلة الرواية عنه، فليس لكلامه في الناس، إذ لا يوجد أحد من أهل الحديث أعرض عن ابن معين لهذا المعنى، وإنما قلت الرواية عنه؛ لقلة تحديثه، كما يأتي في كلام ابن سعد قريبًا، فليُتنبّه. والله تعالى أعلم.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: انتهى العلم إلى أربعة، أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد أفقههم فيه، وعلي بن المديني أعلمهم به، ويحيى بن معين أكتبهم له. وفي رواية عنه: أعلمهم بصحيحه وسقيمه ابن معين. وقال صالح بن محمد: أعلم من أدركت بعلل الحديث ابن المديني، وبفقهه أحمد بن حنبل، وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين. وفي رواية عنه: يحيى أعلم بالرجال والكنى. وقال الآجري: قلت لأبي داود: أيما أعلم بالرجال، علي أو يحيى؟ قال: يحيى عالم بالرجال، وليس عند علي من خبر أهل الشام شيء. وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت عليا يقول: كنت إذا قَدِمت إلى بغداد منذ أربعين سنة كان الذي يذاكرني أحمد بن حنبل، فربما اختلفنا في الشيء، فنسأل يحيى بن معين، فيقوم فيخرجه، ما كان أعرفه بموضع حديثه! . وقال ابن البراء عن ابن المديني:


(١) "الْقِمَطرُ" بكسر، ففتح، فسكون: ما تُصان فيه الكتب. و"الْحُبّ" بضم الحاء المهملة، وتشديد الموحّدة: الْجَرّة، أو العظيمة منها، أو الخشبات الأربع، توضع عليها الجرّة ذات الْعُرْوتين. قاله في "القاموس".

<<  <  ج: ص:  >  >>