للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تهيّئه لاقتناص ما يَرِد عليه من المطالب. انتهى (١).

وعطف قوله: (وَعَقَلَ) -بفتح القاف، وكسرها- على ما قبله من عطف المؤكّد -بالكسر- على المؤكَّد -بالفتح-؛ إذ العقل معناه الفهم، قال في "اللسان": عقل الشيءَ عَقْلًا: فهمه. انتهى. وفي "المصباح": وعقلتُ الشيءَ عَقْلًا، من باب ضَرَب تدبّرته. وعَقِل يعقَلُ من باب تَعِب لغة. انتهى. وقوله (مَذْهَبَ الْقَوْمِ) بالنصب تنازعه الفعلان قبله، كما قال في "الخلاصة":

إِنْ عَامِلَان اقْتَضَيَا فِي اسْمِ عَمَلْ ... قَبْلُ فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا الْعَمَلْ

وَالثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أَهْلِ البَصْرَهْ ... وَاخْتَارَ عَكْسًا غَيْرُهُمْ ذَا أُسْرَهْ

أي عرف طريقهم (فِيمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ) أي مما ذكروا من جرح المتّهمين وغيرهم من الضعفاء. وعطف قوله: (وَبَيَّنُوا) -أي وضّحوه- على ما قبله من عطف المؤكّد على المؤكّد أيضًا.

ولَمّا كان عرض المسلم أمرًا خطرًا، كدمه، وماله، لا يحلّ انتهاكه إلا بمسوّغ شرعيّ، وذلك للحديث المتّفق عليه من حديث ابن عباس، وابن عمر، وأبي بكرة، -رضي الله عنهم- مرفوعًا بألفاظ مختلفة: "فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا ... " الحديث. ولما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا أيضًا: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه"، بيّن المصنّف رحمه الله تعالى الحامل لأهل العلم على كشف معايب الرواة، فقال:

(وَإِنَّمَا أَلْزَمُوا) أي أهل العلم. وقوله: (أَنْفُسَهُمُ) مفعول، وقوله: (الْكَشْفَ) مفعول ثان (عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ) متعلّق بالكشف، والإضافة بمعنى اللام، كما سبق بيانه، ومثله قوله: (وَنَاقِلِي الْأَخْبَارِ) بفتح الهمزة: جمع خبر، وقد اختُلف هل الخبر والحديث بمعنى واحد، وهو الراجح، أم لا؟ قال في "شرح النخبة": الخبر عند علماء هذا الفنّ مرادف للحديث. وقيل: الحديث ما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والخبر ما جاء عن غيره، ومن ثمّ قيل لمن يشتغل بالتواريخ، وما شاكلها: الإخباريّ، ولمن يشتغل بالسنة النبويّة: المحدّث. وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلقٌ، فكلّ حديث خبر، من غير عكس. انتهى (٢) وقد تقدم البحث في هذا مُسْتَوْفًى في أوائل هذا الشرح، فراجعه تزدد علمًا.


(١) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٩/ ١٦.
(٢) راجع "شرح نخبة الفكر" ص ١٥٣ - ١٥٤ بنسخة "شرح الشرح".

<<  <  ج: ص:  >  >>