للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَفْتَوْا بِذَلِكَ) بالبناء للفاعل: أي بينوا ما ذُكر من المعايب، فاسم الإشارة يرجع إلى المعايب، وإنما أفرده باعتبار المذكور. قال الفيّوميّ: أفتى العالم: إذا بيّن الحكم. (حِينَ سُئِلُوا) بالبناء للمفعول، والظرف متعلّق بـ "أفتوا" (لِمَا) بكسر اللام متعلّقٌ بـ "ألزموا" (فِيهِ) الضمير يعود على اسم الإشارة قبله: أي لما في معايب الرواة (مِنْ عَظِيمِ الْخَطَرِ) من إضافة الصفة للموصوف: أي من الخطر العظيم، و"الخطر" بفتحتين: الإشراف على الهلاك، وخوف التلَف. قاله في "المصباح".

(إِذِ) تعليليّة: أي لأن (الْأَخْبَارُ) بفتح الهمزة: جمع خبر (فِي أَمْرِ الدِّينِ) متعلّق بحال محذوف: أي حال كونها كائنة في أمر الدين؛ إذ القاعدة أن الجملة والظرف، والجارّ والمجرور بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات. ويحتمل أن يكون المقدّر صفة، بناء على أن المعرّف بـ "أل" الجنسية كالنكرة، كقول الشاعر [من الكامل]:

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي ... فَمَضَيْتُ ثُمَّةَ قُلْتُ لَا يَعْنِينِي

(إِنَّمَا تَأْتِي، بِتَحْلِيلٍ، أَوْ تَحْرِيمٍ، أَوْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ، أَوْ تَرْغِيبٍ، أَوْ تَرْهِيبٍ) فيه أن المصنّف رحمه الله تعالى مذهبه أن الترغيب والترهيب، كالتحليل والتحريم، ونحوهما لا يثبُت إلا بالأخبار الصحيحة، وهذا هو المذهب الحقّ، فما اشتهر من أنها تثبت بالأحاديث الضعاف، قولٌ مرذول، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيْسَ بِمَعْدِنٍ) -بفتح الميم، وسكون العين، وكسر الدال المهملتين، آخره نون- قال في "القاموس": المَعْدِن كمجلِسٍ: منبت الجواهر، من ذهب ونحوه؛ لإقامة أهله فيه دائمًا، أو لإنبات الله عز وجل إياه فيه. انتهى. وقال في "المصباح": المعدن مثالُ مجلسٍ: اسم المكان؛ لأن أهله يقيمون عليه الصيف والشتاء، أو لأن الجوهر الذي خلقه الله فيه عَدَن به: أي أقام. قال في "مختصر العين": مَعْدِن كلّ شيء حيث يكون أصلُهُ. انتهى. والمراد هنا: أن الراوي ليس محلًّا (لِلصِّدْقِ) بكسر، فسكون: خلاف الكذب (وَالْأَمَانَةِ) بالفتح: خلاف الخيانة، وعطفه على ما قبله من عطف العامّ على الخاصّ؛ لأن الصدق أن لا يُخبر بخلاف الواقع، والأمانة تعمّ هذا، وتعمّ ما إذا أخبر بالواقع، ولكنه ليس له، بأن أخبر بالحديث الصحيح، مما لم يسمعه. والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَقْدَمَ) بالألف، قال الفيّومي: أقدم على قِرْنِه: اجترأ عليه. وفي "القاموس": أقدم على الأمر: شَجُعَ. انتهى (عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ) أي تشجّع، واجترأ على الرواية عن هذا الراوي الذي ليس معدنا للصدق (مَنْ) بالفتح، موصولة، فاعل "أقدم" (قَدْ عَرَفَهُ) أي عرف أنه ليس معدنا للصدق (وَلَمْ يُبَيِّنْ) بالبناء للفاعل، من التبيين، وهو التوضيح

<<  <  ج: ص:  >  >>