للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَرَعٌ) اسم مفعول من اخترع الشيء: إذا شقّه، وأنشأه، وابتدأه (١). وقوله: (مُسْتَحْدَثٌ) مؤكّد لما قبله، وكذا قوله: (غَيْرُ مَسْبُوقٍ صَاحِبُهُ إِلَيْهِ) "صاحبه" بالرفع على أنه نائب فاعل لمسبوق؛ لأنه يعمل عمل فعله بالشروط المعروفة في محلّها، كما قال في "الخلاصة":

وَكُلُّ مَا قُرِّرَ لاسْم فَاعِلِ ... يُعْطَى اسْمَ مَفْعُولٍ بِلَا تَفَاضُلِ

فَهْوَ كَفِعْلٍ صِيغَ لِلْمَفْعُولِ فِي ... مَعْنَاهُ كَالْمُعْطَى كَفَافًا يَكْتَفِي

(وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ) ببناء "مساعد" على الفتح؛ لتركبه مع "لا" النافية للجنس، كما قال في "الخلاصة":

وَرَكِّبِ الْمُفْرَدَ فَاتِحًا كَلَا ... حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ وَالثَّانِ اجْعَلَا

واللام في "له" زائدة للتقوية، كما في قوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٦]. وخبر "لا" محذوف: أي موجود.

ويحتمل أن تكون "لا" عاملة عمل "ليس"، فيُرفع "مساعد" على أنه اسمها. وقوله (مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) متعلّق بحال مقدّر: أي حال كون ذلك المساعد كائنًا من أهل العلم. وقوله (عَلَيْهِ) متعلّق بـ "مساعد"، والضمير للقول المخترع.

والمعنى: أن صاحب هذا القول منفرد باختراع هذا الرأي، فلا يوجد من أهل العلم أحد يوافقه على هذا الرأي المخترع.

ثم أوضح وجه عدم من يساعده على رأيه، فقال:

(وَذَلِكَ) إشارة إلى كونه قولا مخترعًا لم يُسبق إليه قائله (أَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ) أي المنتشر (الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ) عطف تفسير لما قبله. ويحتمل أن يراد بالأخبار التواريخ ونحوها، وبالروايات الأحاديث مرفوعة كانت، أو لا، فيكون العطف للمغايرة، والأول أقرب. والله تعالى أعلم.

(قَدِيمًا وَحَدِيثًا) أي في قديم الزمان وحديثه (أَنَّ) بفتح الهمزة؛ لسدّها مسدّ المصدر، كما قال في "الخلاصة":

وَهَمْزَ "إنَّ" افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ ... مَسَدَّهَا وَفِي سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ

فاسمها وخبرها هنا في تأويل المصدر خبر "أنّ" الأولى.


(١) راجع "القاموس المحيط" ص ٦٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>