للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كُلَّ رَجُلٍ) هذا خرج خرج الغالب، وإلا فالمرأة في هذا كالرجل، فتنبّه (ثِقَةٍ) بالجرّ صفة لرجل (رَوَى عَنْ مِثْلِهِ) أي عن رجل ثقة، وهو ببناء الفعل للفاعل، والجملة صفة لرجل بعد صفة، أو حال: أي نقل حديثا عن راو ثقة مثله (وَجَائِزٌ) أي سائغ، فقوله: (مُمْكِنٌ) مؤكّد له (لَهُ) أي لذلك الرجل الثقة الراوي عن مثله (لِقَاؤُهُ) أي لقاء المرويّ عنه (وَالسَّمَاعُ مِنْهُ) أي سماع رواياته التي رواها منه. وقوله (لِكَوْنِهِمَا) تعليل لإمكان اللقاء والسماع، أي إنما قلنا بإمكان اللقاء والسماع لوجود مسوّغ لذلك، وهو كونهما (جَمِيعًا) حال من الضمير المجرور: أي حال كونهما مجتمعين (كَانَا في عَصْرٍ وَاحِدٍ) أي وُجدا في زمن ووقت واحد، فـ"كان" تامّة، بمعنى وُجد، ويحتمل أن تكون ناقصة، أو زائدة.

(وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ) أي في الزمن الماضي. وقوله (أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا) في تأويل المصدر فاعل "يأت" (وَلَا تَشَافَهَا) أي تخاطبا (بِكَلَامٍ) والمعنى: أنه لم يأت خبر أن الراوي والمروي عنه المتعاصرين اجتمعا في مكان واحد، بحيث يرى أحدهما الآخر، ويجري بينهما تخاطب. وقوله: (فَالرِّوَايَةُ ثَابِتَةٌ) خبر "أنّ" السابقة في قوله: "أن كلّ رجل إلخ"، ودخلت الفاء في الخبر؛ لكون اسم "أنّ" من ألفاظ العموم، على حدّ قول الشاعر [من الخفيف]:

كُلُّ أَمْرٍ مُبَاعِدٍ أَوْ مُدَانٍ ... فَمَنُوطٌ بِحِكْمَةِ الْمُتَعَالِ

و"أل" في "الرواية" للعهد: أي رواية الرجل الثقة، عن مثله الموصوفين بما ذُكر ثابتة، ومستقرّة (وَالْحُجَّةُ بِهَا) أي بتلك الرواية (لَازِمَةٌ) يعني أنه يجب العمل بها؛ لكونها ثابتة، حيث وُجد شروط ثبوتها، ومنها كونهما ثقتين، ووجود الاتصال بينهما حيث كانا في عصر واحد، مع ارتفاع موانع وصول أحدهما إلى الآخر، وليس الراوي مدلّسًا، كما هو فرض المسألة، على ما سيأتي للمصنّف قريبًا.

(إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ) إشارة إلى ما ذكره من جواز تلاقيهما، وتشافههما، حيث كانا في عصر واحد. و"يكون" يحتمل أن تكون تامّة بمعنى "يوجد"، ويحتمل أن تكون ناقصة، واسمها "دلالة" وخبرها الظرف. (دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ) أي واضحة، و"الدلالة" بمعنى "الدليل"، من إطلاق المصدر، وإرادة اسم الفاعل (أَنَّ هَذَا الرَّاوِيَ لَمْ يَلْقَ مَنْ رَوَى عَنْهُ) "أنّ" بفتح الهمزة، والمصدر المؤوّل مجرور بـ "على" مقدّرةً.

والمعنى: إلا أن يوجد هناك دليل على عدم لقاء هذا الراوي لمن روى عنه، وذلك بأن صرّح هو بذلك لَمّا سئل عنه، كما فعل ذلك، أبو عبيدة بن عبد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>