للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سفيان بن عيينة: جالست عمرو بن دينار ثنتين وعشرين سنة (١).

فكيف يُقَدَّم أحد على من هذه حاله في عمرو؟ مع أن عمرا معلوم بالرواية عن جابر، وقد تابع سفيان على قوله الحسين بن واقد، ذكر ذلك النسوي.

وما أرى محمد بن علي في هذا الموضع إلا من المزيد في متصل الأسانيد. والله أعلم. انتهى كلام ابن رُشيد رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما تعقّب به ابن رُشيد أنه يرى ترجيح رواية سفيان الناقصة على رواية حماد بن زيد الزائدة، خلاف ما يراه المصنّف، وذلك لسببين: أحدهما: كون سفيان أثبت في عمرو بن دينار من حمّاد بن زيد، كما قاله ابن معين، والثاني: متابعة الحسين بن واقد لسفيان، كما ذكر ذلك النسائيّ. هذا خلاصة تعقّبه.

لكن الذي يظهر لي أن رواية حماد الزائدة هي الراجحة، كما رآه المصنّف، ولذا أخرجها الشيخان، فأخرجها البخاريّ في "صحيحه" ٧/ ١٢٣ "باب لحوم الخيل"، وأخرجها مسلم في "صحيحه" ٦/ ٦٥ - ٦٦ "باب أكل لحوم الخيل"، ولم يخرجا رواية سفيان؛ لكونها مرسلة.

قال الحافظ صلاح الدين العلائيّ رحمه الله في "جامع التحصيل" (ص ١٣٠) تحت القسم الذي يُحكم فيه بالإرسال إذا لم يُذكر فيه المزيد، فمن أمثلته: حديث جابر هذا، وقال: وظاهر كلام مسلم حمه الله ترجيح الحكم بالإرسال على الرواية الناقصة، ثم قال: وحاصل الأمر أن الراوي متى قال: عن فلان، ثم أدخل بينه وبينه في ذلك الخبر واسطة، فالظاهر أنه لو كان عنده عن الأعلى لم يُدخل الواسطة؛ إذ لا فائدة في ذلك، وتكون الرواية الأولى مرسلة إذا لم يُعرف الراوي بالتدليس، وإلا فمدلّسة. انتهى.

وعمرو بن دينار قد وُصف بالتدليس، وصفه به الحاكم أبو عبد الله في "معرفة علوم الحديث"، وقال: عامّة أحاديث عمرو بن دينار عن الصحابة غير مسموعة (٣).


(١) كذا في الأصل، وهذه العبارة مشهورة عن سفيان، وهي خطأ بيّن، وفي "تاريخ بغداد" ٩/ ١٧٧ بسنده إلى سفيان قال: سمعت من عمرو بن دينار، وأنا ابن ستّ عشرة سنة، ومات وأنا ابن تسع عشرة سنة، ثم ساق الخطيب هذه القصّة التي فيها أن سفيان جالس عمرًا ثنتين وعشرين سنة، وقال: كذا قال، وهو خطأ، وصوابه: جالست عمرو بن دينار سنة اثنين وعشرين، ومات سنة ستّ وعشرين. اهـ.
(٢) "السنن الأبين" ص ١١٢ - ١١٤.
(٣) لكن تعقّبه العلائيّ، وقال: هذه مجازفة منه واهية جدّا، فقد صحّ عنه في أحاديث كثيرة التصريح بالسماع من ابن عمر، ومن جابر، وغيرهما. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>