على اسمه شيخُنا وأستاذنا إبراهيم نجم الدين، كبير الباحثين في قسم الحديث بدار هجر -والتي كنت أعمل فيها كباحث آنذاك- وذلك في حواشي كتاب «المؤتلف والمختلف» للدارقطني ﵀، فقد أشار محققه الدكتور موفَّق بن عبد القادر إليه، بل ونقل منه بعض الفقرات، وأشار كذلك أنه محفوظ في «مكتبة الدولة ببرلين»، ومِن وقتئذ وأنا مشغوفٌ بذلك الكتاب الذي لا أَعرفُ عنه شيئًا، سوى أنه كتاب للإمام الخطيب ﵀ يستدرك فيه ويكمل ما فات الإمامَ الدارقطني، وأنه لم يطبع إلى الآن، وسعيت في تحصيله سعيًا، دون جدوى، وبعد زمن ليس بالبعيد أُتيحت نسخةُ الكِتاب الخَطية مُصورة على شبكة الإنترنت، وحصلتها بلهفة وشغف، وما أن تصفحتها حتى صُدِدتُ عنها، على الرغم مِنْ زَعْمِ مَنْ زَعَم أنها بخط صاحبها الإمام الخطيب ﵀، وذلك لِما وجدته من كبر حجمها، وكثرة حواشيها، وكثرة الوُرَيقات الملحقة بها (الطيارات) -والذي سنتكلم عنه تفصيلًا في مبحث وصف النسخة- وكونها نسخة فريدة أشبه بالمُسَودة التي لم تُبَيض فكم فيها من الإحالات، ورأيت أني غير كُفءٍ لتحقيقها، ولو فعلتُ لأرهقتُ نَفسي، ولربما مَلَلت منها، وما أن يسألني أحد من إخواني عن كتاب يستحق العمل فيه إلا دللته على «المؤتنف» بل وأعطيته النسخة التي عندي، ويبدو أن ما صَدَّني عنه قد صَدَّهُم، فلم يَقُم أحد منهم بالعمل فيه على الرغم من الشَغَف والإعجاب الذي أظهروه حال رؤية الكتاب.
وإن الله تعالى إذا أراد شيئًا هَيَّأ أسبابه، فمنذ ما يقرب من عامين طلب مني صاحبي وتلميذي أبو القاسم الكفافي -وهو من طلاب العلم المجتهدين الحريصين على التحصيل- أن أدرسه فن التحقيق والتعامل مع المخطوطات -لحسن ظنه فيَّ- فإذا «بالمؤتنف» يساورني ويجول في خاطري