للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مرة أخرى بعد طول غياب -وكنت أحقق وقتها كتاب الإمام البيهقي «أحكام القرآن» (١) وأَعُد العدة لكتاب آخر- فدفعت الكتاب إلى صاحبي أبي القاسم، وأسندت إليه نسخه، وكان قصدي أن يصير عنده مَلَكَة بكثرة مطالعة الأسانيد -لا سيما تلك النازلة كالتي في كتاب «المؤتنف» - وبطريقة العُلماء في كتابة مصنفاتهم، وكان أمر الله مفعولا؛ إذ قام أبو القاسم بنسخ الكتاب في عام كامل، كان يراجعني في أشياءَ فأصححها له، وأُرْجِيء أشياءَ أخرى لحين ينتهي، وما إن انتهى من نَسْخِه، حتى شرح الله صدري تمامًا لتحقيقه والعمل عليه، وقابلتُ معه جزءًا من الكتاب، فوجدته قد وُفِّق بقدر كبير في قراءة المخطوط، ولم يفته إلا ما يفوت مَنْ هو أعلم منه وأتقن وأخبر، ثم أكملت المقابلة وحدي بعون الله وتوفيقه كلمةً كلمةً، ناظرًا في المراجع التي استقى منها الخطيب ، والمصادر التي اسْتَقَت منه كذلك، وباقي مصنفاته، مُنفِقًا في ذلك ما يقرُب من عَشرة أشهر كاملة، مستعينًا بالله تعالى على ذلك وبالعمل اليومي الذي لا يقل عن عشرة ساعات يوميًا، وقد عاينت من توفيق الله تعالى ما حَيَّر لُبِّي وما جَعلني أشعر أن الله أراد لي أن أحقق هذا الكتاب بعد ما يقرب من ألف عام على تصنيفه.

فالحمد لله الذي لا يُؤدَّى شُكرُ نِعمةٍ مِنْ نِعَمهِ إلا بنعمةٍ منه، تُوجِب على مُؤدِّي مَاضِي نِعَمِه، بأدَائِها: نِعمَةً حَادثَةً يَجب عليه شُكرُه بها (٢).

وفيما يلي عدة مباحث لا يسعني إلا أن أقدمها بين يدي كتاب «المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف» للإمام الخطيب .


(١) والذي صدر عن دار الذخائر سنة ١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م.
(٢) صيغة الحمد هذه، من كلام الإمام الشافعي في مقدمة كتابه «الرسالة».

<<  <  ج: ص:  >  >>