للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحمد المروزية في خمسة أيام (١).

ولا نستطيع هنا أن نغفل دعوته التي استجيبت في مكة، فيروي ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢) بسنده إلى ابن خيرون: «أن أبا بكر الخطيب كان يذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ﷿ ثلاث حاجات آخذًا بقول رسول الله : ماء زمزم لما شرب له، فالحاجة الأولى: أن يحدث بتاريخ بغداد ببغداد، والثانية: أن يُمْلِي الحديثَ بجامع المنصور، والثالثة: أن يُدْفَن إذا مات عند قبر بشر الحافي.

فلما عاد إلى بغداد حدث بالتاريخ بها ووقع إليه جزء فيها سماع الخليفة القائم بأمر الله فحمل الجزء ومضى إلى باب حجرة الخليفة وسأل أن يؤذن له في قراءة الجزء، فقال الخليفة هذا رجل كبير في الحديث وليس له إلى السماع مني حَاجة، ولعل له حاجة أراد أن يتوصل إليها بذلك، فسلوه ما حاجته فَسُئِل فقال: حاجتي أن يؤذَن لي أن أملي بجامع المنصور، فتقدم الخليفة إلى نَقِيب النقباء بأن يُؤْذَن له في ذلك، فحضر النقيب وأملى الخَطِيبُ في جامع المنصور، ولما مات أرادوا دفنه عند قبر بشر، فَجَرى في ذلك ما ذكر شيخنا أبو البركات إسماعيل بن أبي سعد الصوفي المعروف بشيخ الشيوخ قال: لما توفي أبو بكر الخطيب الحافظ أوصى أن يدفن إلى جانب بشر بن الحارث وكان الموضع الذي بجنب بشر قد حفر فيه أبو بكر أحمد بن علي الطُرَيْثِيثي قبرًا لنفسه، وكان يمضي إلى ذلك الموضع ويختم فيه القرآن ويدعو، فمضى على ذلك عدة سنين فلما مات الخطيب سألوه أن يدفنوه فامتنع، وقال: هذا قبري قد حفرته وختمت فيه عدة ختمات، لا أُمَكِّنُ أحدًا


(١) ينظر: «المنتظم» لابن الجوزي (١٦/ ١٢٩).
(٢) «تاريخ دمشق» (٥/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>