للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ الدفن فيه، وهذا مما لا يتصور، فانتهى الخبر إلى والدي فقال له: يا شيخ لو كان بشر بن الحارث الحافي في الأحياء، ودخلت أنت والخطيب عليه، أيكما كان يقعد إلى جانبه أنت أو الخطيب؟ قال: لا بل الخطيب. فقال كذا ينبغي أن يكون في حالة الممات، فإنه أحق به منك، فطاب قلبه ورَضِي بأن يدفن الخطيب في ذلك الموضع فدفن».

ويستجيب الله دعاءه في الثلاث دعوات التي دعا بهن في حجه عند شربه من ماء زمزم.

عاد الخطيب مرة أخرى إلى بغداد، وصار له مكانة عند الوزير أبي القاسم ابن المُسلمة وذلك أن بعض اليهود أظهر كتابًا وادَّعى أنه كتاب رسول الله بإسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادات الصحابة، وأن خط علي بن أبي طالب فيه، فعرضه رئيس الرؤساء ابن المسلمة على أبي بكر الخطيب، فقال: هذا مُزَوَّر. قيل: من أين لك؟ قَالَ: في الكتاب شهادةُ معاوية بن أبي سفيان، ومعاوية أسلم يوم الفتح، وخيبر كانت في سنة سبع، وفيه شهادة سعد بن معاذ وكان قد مات يوم الخندق. فاستحسن ذلك منه (١).

حتى أنه تقدّم إلى القصّاص والوعّاظ أن لا يورد أحد حديثًا عن رسول الله حتى يعرضه على أبي بكر الخطيب، فما أمرهم بايراده أوردوه، وما منعهم منه ألغوه (٢).

محنته:

لكن لم تدم تلك المكانة والوجاهة للخطيب، فقد قتل الوزير بن المسلمة، قتله أَبُو الحارث البساسيري التركي، وصلبه فِي يوم الإثنين الثامن


(١) ينظر: «المنتظم» لابن الجوزي (١٦/ ١٢٩).
(٢) ينظر: «معجم الأدباء» لياقوت (١/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>