للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصُيِّر عَليه مَحْمَل وهَوْدَج، ثم دَفَع إليَّ خِطَامَ البَعِير، فلم أَزَل أَسِيرُ حَتى إذا صِرتُ بِبَعْضِ الطريق لم أَشْعَر إلا بِهَرَاوةٍ بين كَتِفَيَّ، فَخَرَرْتُ لِوَجْهِي، وإذا أَسْوَد قَدْ بَرَك عَليَّ فَكَتَّفَنِي، ثم أهوى إليها، فقال: انزلي. قالت: عَلَى رِسْلِك، فَنَزلَتْ، ثم قالت: اتَّق اللهَ فَإني امرأةٌ مِنْ العَرَب، فلا تَفْضَحْني. قال: اسْكُتي بالخَنا. قالت: فإن كنتَ لا بُد فَأتِني بِمَاء لأقْضِي حاجةً به، وكانت ركيّةٌ (١)، فمَضَى لَيجِيءَ بمَاءٍ فأخذت خِمَارَها مِنْ رَأْسِها وشَمَّرت ثيابها ولَفَّت كُمَّيْها وتَعَصَّبت عَلى بَطْنِها وبَدَنِها بالخمار، ثم قالت: إليك عَنِّي يابن اللَّخْنَاء، فجاء إليها فَضَابَرها وضَابَرتْهُ، فلم يزل يرفعها وترفعه حتى ضَرَبَتْ به الأرضَ، ثم إنها وَضَعت مِرْفَقَها على أضلاعِه، ثم اتَّكَأتْ عَليه، فلقد سمعت كأنها حَطَب، وجاءت فَرَفَسَتْنِي وقالت: لا تزالُ مكتوفًا أبدًا، فَحَلَّتْني وقالت: شَأنك والمُدْيَة والكَلْب، فصعدتُ فأخذتُ المُدْيَة فَذَبحْتُه، ثم قالت: إني امرأتُك وأَهْلك فَها أَنا ذَا بين يَدَيك، فإن شِئْتَ وإلا فَصِر إلى أهلك، قال: قلت لها عُودي إلى مكانك، فعادت فَأخذَت بالخِطَام حتى جئتُ إلى أهلي.

قال محمد بن مُحَاسِن: فلقد رأيت له منها ابنَين كأنهما النَخْلَ السَّحُوق يبيعون الإبل بالكُناسة.


(١) كذا، وضبب فوقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>