قلت: فمثله جدير بأن يضعف حديثه لتتابع الأئمة على جرحه، والعجب من المنذري إذ أورده في (الترغيب والترهيب) ١: ١٢١ - بلفظ أبي يعلى الأوسط- ثم قال: "رواه أبو يعلى، ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح"، والعجب أيضا من الهيثمي إذ قال عنه في (مجمع الزوائد) ١: ١٦٣: "رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير باختصار قوله في القرآن، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح". ومع ذلك فقد قال الترمذي عن الحديث: حسن صحيح. وقال البغوي: حديث حسن. وصححه ابن القطان، كما في (النكت الظراف) ٤: ٤٢٣، وصحح إسناده السيوطي في (مفتاح الجنة) ص ١١٨، والله أعلم. وقد توبع عبد الأعلى، فأخرجه الطبري ١: ٧٢ من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن حزم في (الإحكام) ٦: ٢١٦ من طريق زائدة بن قدامة، كلاهما عن ليث، عن بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: (من قال في القرآن برأيه؛ فليتبوأ مقعده من النار). هكذا موقوفا. وبكر؛ هو ابن سوادة، وليث؛ هو ابن أبي سليم على ما ترجح عندي، فقد ذكر المزي في (تهذيب الكمال) ٢٤: ٢٨١ في الرواة عنه: جرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة. وليث؛ صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه، فترك. وانظر تفصيل الكلام فيه بواسطة الفهرس. وجاء الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريقين آخرين: ١ - ما أخرجه ابن حبان في (الثقات) ٨: ٣٦٨ في ترجمة: (عبد الله بن شيبة) قال: حدثنا محمد بن المنذر، عن عبد الله بن شيبة الصغاني، عن أبى عاصم النبيل، ثنا ابن جريج، عن عطاء، ابن عباس قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في القرآن برأيه، فليتبوأ مقعده من النار). وعبد الله بن شيبة؛ لم أقف عليه في غير ثقات ابن حبان، وهو إنما ذكره ولم يوثقه، فهو مجهول الحال. وعطاء جاء في السند مهملا، فيحتمل أن يكون: عطاء بن أبي رباح، أو عطاء الخراساني، فكلاهما يروي عن ابن عباس، ويروي عنه ابن جريج، والحكم مختلف بينهما. وقد باحثت أحد طلحة العلم المعتنين بالحديث في هذا، فذكر أن الغالب إذا كان المتن في التفسير وما يتعلق به؛ أن يكون عطاء هر الخراساني، وإن كان المتن في المناسك فعطاء هو ابن أبي رباح.=