للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الراغب الأصفهاني: "اختلف الناس في تفسير القرآن؛ هل يجوز لكل ذي علم الخوض فيه؟ فمنهم من بالغ ومنع الكلام، ولو تفنن الناظر في العلوم، واتسع باعه في المعارف إلا بتوقيف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عمن شاهد التنزيل من الصحابة، أو من أخذ منهم من التابعين، واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من فسر القرآن برأيه، فقد أخطأ) وفى رواية: (من قال في القرآن برأيه فقد كفر) (١). وقيل: إن كان ذا معرفة وأدب فواسع له تفسيره، والعقلاء والأدباء فوضى (٢) في معرفة الأغراض، واحتجوا بقوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: ٢٩) " (٣).

وأورد ابنُ عطية -رحمه الله- حديثَ جندب -رضي الله عنه-، ثم قال: "ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء، واقتضته قوانين العلوم، كالنحو والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسِّر اللغويون لُغَتَه، والنحاةُ نَحْوَهُ، والفقهاءُ معانيَه، ويقول كلُّ واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه.


(١) هذه الرواية من زيادات رزين بن معاوية العبدري الأندلسي (٥٣٥ هـ)، له كتاب (تجريد الصحاح) جمع فيه بين"الموطأ" والأصول الخمسة -البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي-، وعليه اعتمد ابن الأثير في تصنيف كتابه (جامع الأصول).
قال الذهبي عن كتابه -في السير ٢٠: ٢٠٥ - : "أدخل كتابه زيادات واهية، لو تنزه عنها لأجاد". وقال الشوكاني في (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) ص ٤٩ - بعد أن تكلم على صلاة الرغائب-: "ومما أوجب طول الكلام عليها؛ وقوعها في كتاب رزين بن معاوية العبدري، ولقد أدخل في كتابه الذي جمع فيه بين دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تعرف، ولا يدرى من أين جاء بها، وذلك خيانة للمسلمين.
وقد أخطأ ابن الأثير خطأ بينا بذكر ما زاده رزين في (جامع الأصول)، ولم ينبه على عدم صحته في نفسه إلا نادرا".
وانظر: مقدمة جامع الأصول ١: ٤٩ - ٥١.
(٢) فوضى: أي متساوون. ينظر: القاموس المحيط ١: ٨٨٠ مادة (فوض).
(٣) جامع التفاسير ص ٩٣، وانظر: (التيسير في قواعد التفسير) للكافيجي ص ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>