للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحجة"، فـ (الصوم): فاعل بـ (أحب).

وكقول الشيخ: (أَولَى بهِ الفَضْلُ مِنَ الصِّدِّيْقِ)، فـ (الفضل): فاعل مرفوع بـ (أولى) وهو أفعل تفضيل، والأصل: (لن ترى من رفيق أولى به الفضل منه بالصديق)، ثم اختصر الكلام؛ لأنه يجوز أن يقال: (ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد)، و (أحسن في عينه الكحل من عين زيد)، و (أحسن في عينه الكحل من زيد).

والحاصل:

أنه لما سبق بنفي وفضل على نفسه باعتبارين .. وقع موقع الفعل، فعمل الرفع في الظاهر.

فهو كاسم الفاعل المحلى بـ (أل) في حالة المضي؛ فإنه إنما عمل ماضيًا مع (أل) لحلوله محل الفعل من حيث إنه وقع موقع صلة، والصلة: لا تكون إلا جملة.

وكما رفع الظاهر بعد النفي.

قال في "التسهيل": ولا بأس أن يكون ذلك بعد النهي والاستفهام الذي فيه معنى النفي؛ نحو: (لا يكن غيرك أحب إليه الخير منك)، فـ (الخير): مرفوع بـ (أحب).

و (هل في الناس رجل أحق به الحمد منه بمحسن لا يمن في إعطائه؟)، فـ (الحمد): مرفوع بـ (أحق).

تنبيه:

أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به.

وإن ورد ما يوهم ذلك .. قدر فعل يفسره أفعل المذكور، ومنه قوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}، فـ (حيث) هنا: مفعول به لا فيه؛ لأن المراد: أن اللَّه تعالى يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة، لا أنه يعلم فيه؛ لأن علمه بالأشياء لا يتقيد بمكان، وهي في موضع نصب بفعل محذوف يدل عليه (أعلم)، والتقدير: (يعلم حيث يجعل رسالته).

ومنه قولُ الشاعرِ:

أَكَرُّ وَأَحمَى لِلحَقِيقَةِ مِنهُمُ ... وَأَضرَبُ مِنَّا بِالسُّيُوفِ القَوَانِسَا (١)


(١) التخريج: البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص ٦٩، والأصمعيات ص ٢٠٥، وحماسة

<<  <  ج: ص:  >  >>