للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن السبكي : «. . . وبهذا يترجح عندك أنه لا يجب على الكل، لأن الفاعلين لا نظر إليهم (١) فيه (٢) بالذات/ [و ١٠]، بل بضرورة الواقع، إذ لا يقع الفعل إلا من فاعل، فما بالنا نجعله متعلقا (٣) بالكل، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك، وملاقاة الوجوب للبعض ممكنة بالمعنى الذي أسلفناه. ولو أن غريقا قذفه الحوت إلى شاطئ البحر فنجا، أو جائعا قدر الله له الشبع (٤) بدون أكل، فيحتمل أن يقال بالتأثيم - لعصيان الكل (٥) - بالجرأة على الله تعالى. والأظهر أنه لا يأثم أحد لحصول المقصود» (٦).


= أن الغزالي يعتبر هذه المهمات الدنيوية مهمات دينية، وأن وجوبها على الكفاية واجب ديني لأن بها قوام الدين. وهو ما عبر عنه الشاطبي في الموافقات (٢/ ٢٠٢) بقاعدة «البناء على المقاصد الأصلية يصير تصرفات المكلف كلها عبادات كانت من قبيل العبادات أو العادات» قال : «لأن المكلف إذا فهم مراد الشارع من قيام أحوال الدنيا وأخذ في العمل على مقتضى ما فهم فهو إنما يعمل من حيث طلب منه العمل ويترك إذا طلب منه الترك فهو أبدا في إعانة الخلق على ما هم عليه من إقامة المصالح باليد واللسان والقلب». وقد بين الشارح هنا ذلك في ابتداء كلامه قبل ذكر تعريف الغزالي، ولم يذكر تعارضا، فليتأمل.
(١) في (ب) : لهم. والمثبت من الأصل على وفاق ما في مخطوط رفع الحاجب.
(٢) سقطت من (ب). والمثبت من الأصل على وفاق ما في مخطوط رفع الحاجب.
(٣) في (ج) : متعلق. وفي مخطوط رفع الحاجب (متعلقه).
(٤) في (ب) : الشباع.
(٥) في (ب) : كل. والمثبت من الأصل على وفاق ما في مخطوط رفع الحاجب.
(٦) يحيل ابن السبكي على ما تقدم من كلامه في الموضوع، ونصه : «خاتمة : الأفعال قسمان : ما يتكرر، ومصلحته بتكرره، فهو على الأعيان؛ كالحمد مثلا، ومصلحته الخضوع، وهو يتكرر بتكرره. وما لا يتكرر، وهو فرض الكفاية، كإنقاذ الغريق، -

<<  <   >  >>