للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


- قلت : أقول ما كان الكتاب والسنة موجودين، فالعذر عمن سمعهما مقطوع إلا باتباعهما. فإذا لم يكن ذلك، صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو واحد منهم». ثم قال : «والعلم طبقات شتى : الأولى : الكتاب والسنة، إذا ثبتت السنة؛ ثم الثانية : الإجماع، فيما ليس فيه كتاب ولا سنة؛ والثالثة : أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم له مخالفا منهم؛ والرابعة : اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ الخامسة : القياس على بعض الطبقات. ولا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة وهما موجودان، وإنما يؤخذ العلم من أعلى». وقد تنبه إمام الحرمين إلى مناقضة ما نسب للشافعي من مذهبه الجديد في قول الصحابي مع مذهبه في جملة من المسائل الفقهية التي تقتضي القول بمذهب الصحابي. ونصه : (البرهان : ٢/ ٨٩١ ف ١٥٥١) «وكان الشافعي يرى الاحتجاج بقول الصحابي قديما ثم نقل عنه أنه رجع عن ذلك. والظن أنه رجع عن الاحتجاج بقولهم فيما يوافق القياس، دون ما يخالف القياس. إذ لم يختلف قوله جديدا وقديما في تغليظ الدية بالحرمة، والأشهر الحرم. ولا مستند فيه إلا أقوال الصحابة». وهو ما يفهم أيضا مما نقله السيوطي عن السبكي، ونصه : (شرح الكوكب الساطع : ٢/ ٤٥٢) «. . . واستثنى السبكي من ذلك التعبدي، فإن قوله حجة فيه لظهور أن مستنده فيه التوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم». وقد تنبه الزركشي من خلال تتبعه لمذهب الشافعي في البحر المحيط إلى هذه المناقضة بين نصوص الشافعي وبين ما ينسب إليه في كتب الأصول فأورد النص الأخير عن الشافعي كما أوردته هنا ثم قال : «. . . هذا نصه بحروفه وقد رواه البيهقي عن شيوخه عن الأصم عن الربيع عنه. وهذا صريح منه في أن قول الصحابي عنده حجة مقدمة على القياس، كما نقله عنه إمام الحرمين. فيكون له قولان في الجديد، وأحدهما موافق للقديم. وإن كان قد غفل عن نقله أكثر الأصحاب». فقد أوّل كل من إمام الحرمين والزركشي احتجاج الشافعي بقول الصحابي وتقديمه إياه على القياس بتأويل. فارتأى إمام الحرمين أن في الأمر تفصيلا، واتبعه السبكي في ذلك؛ وارتأى الزركشي أن له مذهبين في قوله الجديد أيضا. ولكن مجموع النصوص التي ذكرت هنا مع غيرها من عشرات النصوص الأخرى التي استند فيها الشافعي إلى أقوال الصحابة لا يساعد على واحد -

<<  <   >  >>