والعيش؛ وخفيف العمارة، بعيد العهد بالخلافة والإمارة. فبسبب تلك الفترة التي اعترته، ودامت فيه نحو الثمانين سنة، حتى تنوسي فيها أمور المملكة وسياستها، واضمحلت فيها الأوضاع الملكية وتوالت فتن وأوجاع وهرج كثير لا أعاد الله ذلك على المسلمين. فصرنا نحن - حيث أقامنا الله، ونصبنا لهذا المنصب المبارك، المحفوف بالخير المتدارك - نبتدئ السيرة والطريقة من أولها، ونعقدها من أصلها» (١).
فقد توالدت الحروب بين أبناء أحمد المنصور الذهبي وأبنائهم حتى صار ملكهم الذي كان يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى أقاصي الصحراء الإفريقية الكبرى مجرد إمارة صغيرة في حدود أسوار مدينة مراكش.
وافتقد الناس الأمن على أنفسهم وأموالهم في الحواضر والبوادي.
وسقطت كثير من الثغور في أيدي الإمبريالية الأوربية. وتردت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية إلى درك سحيق.
وقد تأثرت الحواضر والبوادي بحالة التمزق في السلطة، والحروب المستمرة بين طلابها من وجوه :
أحدها : فقد الأمن الذي كان في حد ذاته من أهم أسباب المعاناة التي عاشها الناس، فقد انتشرت أعمال السلب والنهب والقتل من غير رادع.
(١) كتاب «الفقيه أبو علي اليوسي : نموذج من الفكر المغربي في فجر الدولة العلوية» للدكتور الوزير عبد الكبير العلوي المدغري : ص ٤٢، عن مخطوط الرسالة بالخزانة الملكية برقم ٣٩٨٤.