للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيها : ما يتولد عن فقد الأمن من انقطاع الطرق مما عاق الحركة التجارية وأنواع الصناعات التي تمدها. ومن أهم ذلك التجارة عبر الصحراء التي كانت إلى عهد قريب الشريان الأكبر للازدهار الاقتصادي في عهد المنصور. وقد تحولت هذه التجارة ذاتها عبر الطريق البحري لصالح الأوربيين، وساعدهم على انتظامها وتدفق خيراتها تمركزهم بالشواطئ المغربية، مما أمد سفنهم بمرافئ ومحطات للتزود باحتياجاتهم وتأمين رحلاتهم.

ثالثها : تعطل الفلاحة بسبب تجنيد الرجال في الحروب الدائرة، وإهمال المزارع. وهو من الأسباب التي أدت إلى مجاعات متكررة.

وقد نبتت في هذا المناخ نوابت لم يعد ما يمنع من ظهورها : كترؤس ابن مشعل اليهودي بتازة؛ وظهور طائفة العكاكزة (١) المارقة عن الدين؛ وادعاء ابن محلي المهدوية. . . .

وتحركت في المقابل جهود المصلحين ممن تأهل للرئاسة وتوفرت فيه شروطها : فنهض بجبال الأطلس محمد الحاج الدلائي؛ وبالجنوب سيدي محمد ابن الشريف؛ وبالغرب المجاهد أبو عبد الله العياشي؛ كل على حدته.

وإلى جوار هذه الزعامات الثلاث الكبرى كانت هنالك إمارات صغيرة متفرقة كبقايا دولة السعديين بمراكش، وإمارة أبي حسون السملالي


(١) كتب بشأنهم الفقيه العلامة أبو الحسن اليوسي رسالة إلى المولى إسماعيل يستدل فيها على كفرهم، ومما جاء فيها : «. . . ومن ذلك ما ارتكبوه من رفض المأمورات من الصلاة والصيام والضحية ونحوها، واقتحام المنهيات كالزنا وأكل الميتة وقتل المسلمين ونهب أموالهم ونحو ذلك» (رسائل أبي علي الحسن اليوسي : ١/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>