أو مكرها، ودخل فيه منقادا [أو] مغلوبا، محاماة على ما كان بيني وبينهم، واستقامة على ما فارقوني عليه، وحرصا على تقوية أمري، ومظاهرتي على دعوتي. وخالفوا في وفائهم اليهود والمشركين من قريش، وغيرهم. ونزّهوا نفوسهم عن رقة المطامع التي كانت اليهود تتّبعها وتريدها؛ من الأكل للربا، وطلب الرشا، وبيع ما أخذه الله عليهم بالثمن القليل «فويل لهم ممّا كتبت أيديهم، وويل لهم ممّا يكسبون» . فاستوجب اليهود ومشركو قريش وغيرهم، أن يكونوا بذلك أعداء الله ورسوله لما نووه من الغشّ، وزيّنوا لأنفسهم من العداوة، وصاروا إلى حرب عوان، مغالبين من عاداني، وصاروا بذلك أعداء الله ورسوله وصالح المؤمنين.
وصار النصارى على خلاف ذلك كله، رغبة في رعاية عهدي، ومعرفة حقّي، وحفظا لما فارقوني عليه، وإعانة لمن كان من رسلي في أطراف الثغور، فاستوجبوا بذلك رأفتي ومودّتي، ووفائي لهم بما عاهدتهم عليه، وأعطيتهم من نفسي، على جميع أهل الإسلام، في شرق الأرض وغربها، وذمّتي، ما دمت وبعد وفاتي إذا أماتني الله، ما نبت الإسلام، وما ظهرت دعوة الحق والإيمان، لازم ذلك من عهدي للمؤمنين والمسلمين، ما بلّ بحر صوفة، وما جادت السماء بقطرة، والأرض بنبات، وما أضاءت نجوم السماء، وتبيّن الصبح للسائرين. ما لأحد نقضه، ولا تبديله، ولا الزيادة فيه، ولا الانتقاص منه، لأنّ الزيادة فيه تفسد عهدي، والانتقاص منه ينقض ذمّتي. ويلزمني العهد بما أعطيت من نفسي. ومن خالفني من أهل ملّتي، ومن نكث عهد الله عز وجل وميثاقه؛ صارت عليه حجة الله، وكفى بالله شهيدا.
وإنّ السبب في ذلك ثلث (كذا) نفر من أصحابه سألوا كتابا لجميع أهل النصرانية، أمانا من المسلمين، وعهدا ينجز لهم الوفاء بما عاهدوهم، وأعطيتموه إياه من نفسي، وأحببت أن أستتمّ الصنعة