للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصيغة الماضي، ولم يقل: فيما سيوحى إلي في المستقبل. وهو واضح كما ترى، واللَّه أعلم.

وأمَّا آية الوصية للوالدين والأقربين، فالتحقيقُ أنَّها منسوخة بآية المواريث، والحديث بيان للناسخ، وبيانُ المتواتر لا يُشترط فيه التواتر كما تقدَّم.

والحديث يُشيرُ إلى أن الناسخ لها آياتُ المواريث؛ لأنَّ ترتيبه -صلى اللَّه عليه وسلم- نفي الوصية للوارث بالفاء على إعطاء كل ذي حقٍّ حقه -يعني الميراث- في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّه قد أعطى كل ذي حقٍّ حقَّه فلا وصية لوارث" يدلُّ على ذلك.

وأمَّا قول عمر رضي اللَّه عنه: "لا ندع كتاب ربنا. . . " الخ؛ فالحقُّ في ذلك ليس معه رضي اللَّه عنه، بل مع المرأة المذكورة وهي فاطمة بنت قيس -رضي اللَّه عنها-، قالت: إن زوجها طلَّقها آخر ثلاث تطليقات، فلم يجعل لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نفقةً ولا سكنى. وعندما سمعت قول عمر: لا ندع كتاب ربِّنا لقول امرأة. . . الخ قالت: بيني وبينكِم كتاب اللَّه، قال اللَّه تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} حتى قال: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)} [الطلاق/ ١] فأيُّ أمرٍ يحدث بعد الثلاث؟

وصرَّح أئمة الحديث بأنَّه لم يثبت من السنة ما يخالف حديثها.

فالسنةُ معها، وكتاب اللَّه معها، فلا وجه للاستدلال بمخالفة عمر لما سَمِعَتْهُ من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ،

<<  <   >  >>