التي هي تعذر وجود الشهود من المسلمين، ثم نُسخت شهادتُهم على المسلمين في السفر على القول بذلك بقوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق/ ٢] وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة/ ٢٨٢] والكفار غير مرضيين، وقوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور/ ٤] أي وأحرى الكافرون برد الشهادة من الفاسقين، وبقي حكم شهادة بعضهم على بعض غيرَ منسوخٍ مع نسح الأصل المقيسِ عليه بناءً على القول بذلك.
تنبيهان:
الأول: قد قدَّمنا أنَّ جماعة من الأصوليين قالوا: إن مفهوم الموافقة يجوز نسخُه دون أصله، كالعكس، وصححه السبكيُّ في "جمع الجوامع".
وعليه فهذا الخلاف لم يعرج عليه المؤلف.
الثاني: لم يتعرض المؤلف -أيضًا- لمفهوم المخالفة، هل يمكن نسخه مع بقاء أصله أولا؟ والتحقيق جواز ذلك ووقوعه.
ومثاله: حديث: "إنَّما الماء من الماء"، منطوقُ هذا الحديث أنَّ من نزل منه الماء الذي هو المنيُّ وجب عليه استعمالُ الماء، أي غسل الجنابة، من نزول ذلك المني، ومفهوم الحصر بإنَّما أن من جامع وحصل من جماعه التقاءُ الختانين ولم ينزل منه مني أنَّه لا غسل عليه، فنُسِخَ هذا المفهومُ بوجوب الغسل عند التقاء الختانين -وإن لم يحصل إنزالٌ- الثابت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبقي المنطوقُ الذي هو وجوب الغسل من