وقال المؤلف (١) -رحمه اللَّه تعالى- في هذا المبحث:
(وإذا نُسخ الحكمُ في المنطوق بطل الحكم في المفهوم، وفيما يثبتُ بعلته أو بدليل خطابه، وأنكر ذلك بعض الحنفية، لأنَّه نسخ بالقياس، وليس بصحيح، لأنَّ هذه فروع تابعة لأصل، فإذا سقط حكم الأصل سقط حكم الفرع).
وعلى هذا الذي ذكره المؤلف درج في "المراقي" بقوله:
ويجبُ الرفعُ لحكم الفرعِ ... إن حكم أصله يُرى ذا رفعِ
وإيضاح معنى كلام المؤلف -رحمه اللَّه تعالى- أنَّ منطوق اللفظ إذا نُسخ بطل حكم ما يتفرَّع عليه من مفهوم وما أُلحق به بعلَّته.
ومراده بدليل خطابه مفهوم مخالفته، فلو فرضنا نسخ قوله:"كل مسكر حرام" لبطل قياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار، ولو فرضنا نسخ إيجاب الزكاة في السائمة لبطل مفهومُه الذي هو عدمُ وجوبها في المعلوفة، لبطلان أصله، وهكذا.
وخالف في هذا بعض الحنفية قائلين: إنَّ الأصل حكمٌ والفرع حكمٌ آخر، فيجوز نسخُ هذا وبقاءُ هذا.
ومثاله: ما حكاه الباجي عن بعضهم من شهادة أهل الذمَّة بعضهم على بعض، قياسًا على شهادتهم على المسلمين في الوصية في السفر المنصوص في قوله:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}[المائدة/ ١٠٦] بجامع العلة