للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يصدقه حتى أخبر غيره.

وأما أبو بكر رضي اللَّه عنه فلم يرد قول المغيرة، وإنما طلب الاستظهار بشهادة آخر معه، ولو لم يجد غيره لقبله منفردًا، كقول إبراهيم: {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة/ ٢٦٠].

وأمَّا عمر رضي اللَّه عنه فإنه قال لأبي موسى [ما قال] سدًّا للذريعة، لئلا يكون الناس كما توجه إلى أحد منهم لَوْمٌ وضع حديثًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يرفعُ به عنه ذلك اللوم، وقد ثبت عن عمر رضي اللَّه عنه أنه غيرُ مُكَذِّبٍ ولا مُتَّهِمٍ لأبي موسى، ولكنه خشي أن يتقول الناس على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأمَّا عائشة فهي لم تكذِّب ابن عمر، بل قالت: إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ، كما ثبت عنها رضي اللَّه عنها في الصحيح.

وفي رواية عنها في الصحيح أيضًا أنها قالت: رحم اللَّه أبا عبد الرحمن -تعني ابن عمر- سمع شيئًا فلم يحفظه. . . إلخ.

ولكنها ظنَّت أنه غلط، لاعتقادها أنَّ ما أخبر به مخالف لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام/ ١٦٤، الإسراء/ ١٥، فاطر/ ١٨، الزمر/ ٧]؛ لأن بكاء أهل الميت ليس من فعله، فلو عُذِّب به لكان من مؤاخذته بعمل غيره، والقرآن ينفي هذا، ومن هنا ظنت أنه غلط.

وظنُّ شخصٍ غلطَ شخصٍ معين في حادثة معينة لسبب معين، ليس فيه البتة ما يقتضي رد قول ذلك المخبر مطلقًا كما ترى، مع أن

<<  <   >  >>