طَائِفَةٌ} الآية [التوبة/ ١٢٢]؛ لأن تلك الطائفة لم يقل أحد بشرط بلوغها عدد التواتر، مع أن اللَّه يُلزم بقبول خبرها في قوله: {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)} [التوبة/ ١٢٢]، بل ذكر البخاري أن الطائفة تصدق بالرجل الواحد، واستدل على ذلك بالآية التي ذكرناها آنفًا، وقد سبقه للاستدلال بالآية على ذلك الشافعي ومجاهد رحمهم اللَّه تعالى.
ومن الآيات الدالة على قبول خبر الواحد قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية، فإنه يفهم من دليل خطاب هذه الآية -أعني مفهوم مخالفتها- أن ذلك الجائي بنبأ لو كان غير فاسق، بل كان معروفًا بالعدالة والصدق، فإنه لا يلزم التبين في خبره على قراءة "فتبينوا"، ولا التثبت على قراءة "فتثبتوا"، بل يلزم العمل به حالًا من غير تبين ولا تثبت.
والتحقيق اعتبار مفهوم المخالفة، كما تقرر في الأصول، خلافًا لأبي حنيفة رحمه اللَّه تغالى.
قال المؤلف (١) رحمه اللَّه تعالى:
(دليل ثالث، وهو أن الإجماع انعقد على قبول قول المفتي فيما يخبر به عن ظنِّه، فما يخبر به عن السماع الذي لا يشك فيه أولى).