للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ملازمة التقوى والمروءة جميعًا حتى تحصل ثقةُ النفوس بصدقه.

فلا ثقة بقول من لا يخاف اللَّه تعالى خوفا وازعًا عن الكذب.

وخلاف أهل الأصول في اشتراط الملكة المانعة من فعل ما يُخِلُّ بالدين والمروءة مشهور.

وممَّن جزم باشتراط الملكة فيها صاحب "جمع الجوامع" والغزالي والأبياري والفهري وغيرهم.

وأكثر أهل العلم على أنَّ العدل هو من يجتنب الكبائر مطلقًا، وصغائر الخسة مطلقًا، كسرقة لقمة وتطفيف حبة، لدلالة ذلك على سقوط مروءته، وساقط المروءة لا ثقة بقوله، ويجتنبُ صغائر غير الخسة في أغلب الأحوال، ويجتنب ما يخلُّ بالمروءة عرفًا من المباحات، كالبول في الطريق، والأكل في السوق لغير سوقي، ونحو ذلك.

وظاهر كلامهم سواء كان ذلك الاجتناب بسبب ملكة، أي هيئة راسخة في النفس لا تزول أصلًا، أو بسبب علةٍ (١) مانعة من ذلك، أو بسبب علاج النفس ومجاهدتها دون فعل ذلك.

وهذا هو الأظهر عندي، وممن مال إليه ابن حلولو في "الضياء اللامع"، والعبادي في "الآيات البينات". واللَّه تعالى أعلم.

واعلم أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة؛ لإشعاره بعدم


(١) في الأصل المطبوع: أو إلا بعسر. ولعل المثبت هو الصواب.

<<  <   >  >>