وخلاف العلماء في حد الكبيرة معروفٌ فلا نطيلُ به الكلام.
هذا وما ذكره المؤلف من اشتراط العدالة يُعلم منه أنه لا تقبل رواية فاسق، وهو كذلك، كما نص اللَّه على ذلك في قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور/ ٤]، وقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)} [الحجرات/ ٦].
أما إن كان فسقه بارتكاب كبيرة، كقذف المحصنات، ونحو ذلك، فلا خلاف في عدم قبول روايته.
وأمَّا إن كان فسقه عن تأول، كبعض أهل الأهواء الذين لم تبلغ بهم بدعهم الكفر البواح، فاختلاف أهل الأصول والحديث في قبول رواياتهم معروف.
وأمَّا من كان منهم يرى أن الكذب لترويج بدعته جائزٌ، كالخطابية وغيرهم، فلا تقبل روايته قولًا واحدًا، وكذلك من يدعو منهم إلى بدعته.
أما الذي لا يدعو إلى بدعته ولا يرى جواز الكذب، بل عرف بالصدق والتحرز من الكذب واحترام الدين، فأكثر أهل العلم على قبول روايته؛ لأن صدقه مما يغلبُ على الظن، وقد روى الشيخان وغيرهما عن جماعة من المبتدعة من خوارج ومرجئة وقدرية.