فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ورب حامل فقه ليس بفقيه" نصٌّ في محل النزاع، دالٌّ على صحة رواية غير الفقيه كما ترى.
وقد قال المناوي في شرح "الجامع الصغير" في الكلام على هذا الحديث: رواه الترمذي في العلم والضياء في المختارة عن زيد بن ثابت، قال الترمذي: صحيح. وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث زيد بن ثابت هذا صحيح خرجه أحمد وأبو داود وابن حبان وابن أبي حاتم والخطيب وأبو نعيم والطيالسي والترمذي. وفي الباب عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وأنس وغيرهم. وقال في موضع آخر: الحديث صحيح المتن وإن كان بعض أسانيده معلولًا. اهـ.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
ومعنى هذا ثابت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه؛ لأنَّ قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث أبي موسى المتفق عليه المشهور: "وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللَّه بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا. . ." الحديث، مثلٌ مضروبٌ لكون الراوي قد يكون غير فقيه، فكما أن تلك الأجادب لم تنبت، ولم تُثمر، ولكنها أمسكت ذلك الماء للناس، فنفعهم اللَّه به، فشربوا منه وسقوا وزرعوا، فكذلك أولئك الرواة لم يتفقهوا، ولكن نفع اللَّه الناس بما حفظوا من العلم، فانتفعوا به، وتفقهوا فيه، ولذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ربَّ مبلَّغٍ أوعى من سامع".