وإنْ كان الشيخُ جازمًا بعدمها، وإن قال الشيخُ: هذا الحديث لم يكن من مروياتي أصلًا، رُدَّتْ روايةُ الراوي عنه. وذلك في قوله عاطفًا على ما تقبلُ فيه الرواية:
والجزمُ من فرع وشك الأصلِ ... ودع بجزمه لذلك النقل
وقال بالقبول إن لم ينتفِ ... أصل من الحديث شيخ مقتفِ
ومرادُه بهذا الشيخ الباجي.
ثم أشار إلى أنَّ جزمَ الأصلِ بتكذيب الفرع لا يقدحُ في عدالةِ الفرعِ بقوله:
وليس ذا يقدح في العدالة ... كشاهد للجزمِ بالمقالة
تنبيه:
ذكر بعضُ أهل العلمِ في هذا المبحث أنَّ السبب الذي منعَ الحنفيةَ من قبول الحكمِ بالشاهد واليمين هو نسيانُ الراوي المذكورِ للحديث، وأنَّ نسيانَه مبطلٌ للروايةِ عندهم.
وقد قدَّمنا في النسخِ أن الموجبَ لردِّ حديث الحكم بالشهادة واليمين عندهم أنَّه زيادة على قوله تعالى:{لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة/ ٢٨٢]، وأنَّ الزيادة على النصِّ نسخ عندهم، والحديث المذكور آحاد، والآيةُ معلومُ أنَّها من المتواتر، والمتواترُ لا يُنسخ عندهم بالآحاد، كما تقدَّم إيضاحُه.