للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحاصل تحرير هذه المسألة: أن لها واسطة وطرفين، طرفٌ يكون فيه شرعًا إجماعًا، وطرفٌ يكون فيه غير شرع لنا إجماعًا، وواسطةٌ هي محلُّ الخلاف المذكور.

أما الطرف الذي يكون فيه شرعًا لنا إجماعًا فهو ما ثبت بشرعنا أنَّه كان شرعًا لمن قبلنا، ثم ثبت بشرعنا أنَّه شرع لنا، كالقصاص، فإنه ثبت بشرعنا أنَّه كان شرعًا لمن قبلنا في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة/ ٤٥]، ثم صرَّح لنا في شرعنا بأنَّه شرع لنا في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة/ ١٧٨].

وأما الطرف الثاني الذي يكون فيه غير شرع لنا إجماعًا فهو أمران:

أحدهما: ما لم يثبت بشرعنا أصلًا، كالمأخوذ من الإسرائيليات.

الثاني: ما ثبت بشرعنا أنَّه كان شرعًا لهم، وصرح في شرعنا بنسخه، كالأصر والأغلال التي كانت عليهم، كما في قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف/ ١٥٧].

وقد ثبت في صحيِح مسلم أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قرأ: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة/ ٢٨٦] قال: قال اللَّه: "قد فعلت".

والواسطة: هي ما ثبت بشرعنا أنَّه شرع لمن قبلنا ولم يصرح بنسخه في شرعنا.

وحجة الجمهور أنَّه ما ذكر لنا في شرعنا إلَّا لنعمل به، سواء علينا أكان شرعًا لمن قبلنا أم لا، وقد دلت على ذلك آيات كثيرة، كتوبيخه

<<  <   >  >>