للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى لمن لم يعقل وقائع الأمم الماضية، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)} [الصافات/ ١٣٧ - ١٣٨].

وقد صرح تعالى بأن الحكمة في قصِّ أخبارهم إنما هي الاعتبار بأحوالهم في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف/ ١١١].

وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام/ ٩٠].

وحجة الشافعي رحمه اللَّه قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة/ ٤٨]، وحمل رحمه اللَّه الهدى في قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، والدين في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} [الشورى/ ١٣] على خصوص التوحيد، دون فروعه العملية.

وقال: إن الخطاب الخاص به -صلى اللَّه عليه وسلم- في نحو قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} لا يشمل حكمه الأمة إلا بدليل منفصل؛ لأنه لا يشملها في الوضع اللغوي، فإدخالها فيه صرف للفظ اللغوي عن ظاهره، فيحتاج إلى دليل.

وأجيب عن استدلال الشافعي بأن النصوص دالة على شمول الهدى والدين في الآيتين للأمور العملية.

أما في الأولى: فقد روى البخاري في صحيحه عن مجاهد أنَّه سأل ابن عباس: من أين أخذت السجدة في (ص)؟ فقال: "أَوَمَا تقرأ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ} حتى بلغ {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ

<<  <   >  >>