فمن ذلك قولُه تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ}، ثم قال:{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الآية [الطلاق/ ١]، فأفهمَ شمولَه حكمَ الخطابِ للجميع.
وقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم/ ١ - ٢].
وقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[الأحزاب/ ١ - ٢].
وقال:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} ثم قال: {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ}[يونس/ ٦١].
فدل التعميم بعد الخطابِ الخاص به في الآيات المذكورة على عموم حكمِ الخطاب الخاصِّ به.
وقال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} ثم قال: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ}[الروم/ ٣٠ - ٣١] فهو حال من الضمير المستتر في {فَأَقِمْ} وهو خاصٌّ به -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقديره:"فأقم وجهك للدين يا نبي اللَّه في حال كونكم منيبين".
فلو لم يشمل الأمة حكمًا لقال:"منيبًا" بالإفراد، لإجماع أهل اللسان العربي على أنَّ الحالَ الحقيقية، أعني التي لم تكن سببية، لا بد من مطابقتها لصاحبها إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا، فلا يجوز: جاء زيد ضاحكين، إجماعًا، ودعوى أنَّ العامل في الحال "الزموا" مقدَّرًا، وصاحبها الواو فى "الزموا"، أي: الزموا فطرة اللَّه فى حال كونكم منيبين، تقديرٌ لا دليل عليه، ولا حاجة إليه.