قالوا: اسكن -مثلًا-، السكونُ المأمورُ به فيه هو عين ترك الحركة، فهو إذن عين النهي عن الحركة -أيضًا-، فالأمرُ بالسكون هو النهي عن الحركة.
قالوا: وشغل الجسم فراغًا هو عين تفريغه للفراغ الذي انتقل عنه، والبعد من المغرب هو عين القرب من المشرق، وهو بالإضافة إلى المشرق قرب، وإلى المغرب بعد.
قالوا: ومثل ذلك طلب السكون، فهو بالنسبة إليه أمر وإلى الحركة نهي.
والذين قالوا بهذا القول اشترطوا في الأمر كون المأمور به معينًا، وكون وقته مضيقًا، ولم يذكر ذلك المؤلف، أمَّا إذا كان غير معين -كالأمر بواحد من خصال الكفارة- فلا يكون نهيًا عن ضده، فلا يكونُ في آية الكفارة نهي عن ضد الإعتاق -مثلًا-؛ لجواز ترك الإعتاق من أصله والتلبس بضده، والتكفير بالإطعام -مثلًا-، وذلك بالنظر إلى ما صِدْقِه أي فرده المعيَّن، كما مثلنا، لا بالنظر إلى مفهومه وهو الأحد الدائر بين تلك الأشياء؛ فإنَّ الأمر حينئذٍ نهيٌ عن ضد الأحد الدائر، وضده هو ما عدا تلك الأشياء المخير بينها.
وكذلك الوقت الموسع، فلا يكون الأمر بالصلاة في أول الوقت نهيًا عن التلبُّس بضدها في ذلك الوقت، بل يجوز التلبس بضدها في أول الوقت وتأخيرها إلى وسطه أو آخره بحكم توسيع الوقت.