للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أكثر الأصوليين: يجوزُ استثناءُ الأكثر، واستدلُّوا بأنَّ اللَّه تعالى قال في آية: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} [الآية ص/ ٨٢، ٨٣]، وقال في أخرى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الآية [الحجر/ ٤٢]، قالوا: فلا بدَّ أنْ يكون الغاوون أكثر من المخلصين، أو العكس، وعلى كلٍّ فقد استثنى اللَّه الأكثر.

قلتُ: وهذا الدليلُ في المسألة قويٌّ. وجواب المؤلف -رحمه اللَّه- عنه بدخول الملائكة في آية استثناء الغاوين وخروجهم من آية استثناء المخلصين، ليس بمتجهٍ فيما يظهرُ لي، بل الظاهر إخراجهم من الآيتين، أو إدخالهم فيهما. أمَّا إخراجهم من واحدةٍ وإدخالهم في الأخرى بلا دليلٍ، فهو تحكمٌ لا دليلَ عليه.

أمَّا البيتُ الذي استدلَّ به بعضهم وهو قوله:

أدُّوا التي نقصتْ تسعين عن مائةٍ ... ثم ابعثُوا حَكَمًا بالحقِّ قوَّامًا

فقد أجاب عنه المؤلفُ بجوابين:

أحدهما: أنَّه ليس فيه استثناء أصلًا.

والثاني: أنه مصنوعٌ، وعزاهُ لابن فضَّالٍ النحوي.

وأشار في "المراقي" إلى جميع الأقوال في هذه المسألة بقوله:

وجُوِّزَ الأكثرُ عند الجلَّ ... ومالكٌ أوجبَ للأقلِّ

ومنع الأكثر من نصِّ العدد ... والعقدُ منه عند بعضٍ انفقد

<<  <   >  >>