للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمكروه والمندوب فقط دون الواجب والحرام، قالوا: للإجماع على أنه لا إثم عليه بترك واجب، ولا بارتكاب حرام؛ لرفع القلم عنه، وأما المكروه والمندوب فاستدلوا لتكليفه بهما بحديث الخثعمية التي أخذت بضبعي صبي، وقالت: يا رسول اللَّه ألهذا حج؛ قال: "نعم ولك أجر".

وأما النائم والناسي: فاختُلف في تكليفهما، فقيل: غير مكلفين، كما درج عليه المؤلف؛ للإجماع على سقوط الإثم عنهما، ولو كانا مكلفين كانا آثمين بترك العبادة حتى فات وقتها لأجل النوم والنسيان.

وقيل: هما مكلفان؛ بدليل الإجماع على وجوب القضاء عليهما، إذ لو كانت الصلاة غير واجبة عليهما في وقت النوم أو النسيان لما وجب قضاؤها عند اليقظة والذكر؛ لأن ما لم يجب لا يجب قضاؤه.

وجمع بعض محققي الأصوليين من المالكية بين القولين بأنْ قال: إنَّ عدم النوم والنسيان شرطٌ في الأداء لا في الوجوب، فالصلاة واجبة عليهما مع أنهما غير مكلفين بنفس أدائها، فالتمكن من الأداء بعد النوم والنسيانِ شرطٌ في الأداء فقط لا في الوجوب، ومرادُهم بشرط الإيجاب أنَّه شرط في الإيجاب الإعلامي الذي المقصود منه اعتقادُ وجوب إيجاد الفعل، ومرادهم بشرط الأداء الإيجاب الإلزامي الذي المقصود منه الامتثال الذي لا يحصل إلا بالاعتقاد والإيجاد معًا.

واعلم أنَّ ما جزم به المؤلف رحمه اللَّه من كون الناسي والنائم غير مكلَّفين، يشكل عليه وجوب قضاء الصلاة، والإجماع على أنَّها قضاء، وقد يُجاب عنه بأنَّ القضاء وجب بانعقاد سبب الوجوب، وإن منع منه تمامه مانع النوم أو النسيان. واللَّه تعالى أعلم.

<<  <   >  >>