للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما السكران الذي لا يعقل: فجزم المؤلف بأنه غير مكلَّف، وبين أن لزوم الطلاق للسكران، ولزوم قيم المتلفات للنائم والناسي، أنَّ ذلك من خطاب الوضع، وذلك هو مراده بقوله (١): (من قبيل ربط الأحكام بالأسباب)؛ لأنَّ ذلك بعينه من خطاب الوضع.

واعلم أنَّ العلماء اختلفوا فيما يلزمُ السكران، ومما قيل في ذلك: التفصيل؛ لأنَّ السكر قد يذهب جميع عقله حتى يكون لا يعقل شيئًا، وهو المعروف بالسكران الطافح، وقد يذهب بعض عقله، ويبقى معه بعضه.

فالأظهر في الطافح أنه لا يلزمه شيء من العقود ولا العتق ولا الطلاق ولا الجنايات إلا ما كان من خطاب الوضع كغرم قيمة المتلف، وأمَّا الذي لم يفقد جميع عقله فهو الذي فيه قول من قال:

لا يلزم السكران إقرار عقود ... بل ما جنى عتق طلاق وحدود (٢)

فإنْ قيل: قد دلَّ القرآن على تكليف السكران في قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء/ ٤٣]؛ لأنَّ قوله: {وَأَنْتُمْ


(١) (١/ ٢٢٤).
(٢) هذا في غير الطافح، وهو الذي لم يفقد كل عقله. أما الطافح فلا يلزمه شيء. وللشيخ أبيات في ذلك، وهي:
لا يلزم الطافح في عقود ... ولا جنايات ولا حدود
ومن جميع عقله لن يفقدا ... فهو الذي ذا البيت فيه أنشدا
لا يلزم السكران. . . ... . . . . . . . . . . . . البيت
"عطية"

<<  <   >  >>